فالتحقيق عدم جواز
إيثاره ، كما لو كان ذميا أو بهيمة أو غيرهما من محترم الدم.
نعم لو لم يكن
مضطرا اليه وجب عليه بذله للمضطر اليه كما عرفت ، بل في المسالك « مسلما كان أو
ذميا أو مستأمنا » بل فيها « وكذا لو كان يحتاج إليه في ثاني الحال على الأظهر »
ولا يخلو من نظر.
ولو لم يبذله
المالك فللمضطر أخذه منه قهرا ، بل ذكروا أن له أن يقاتله عليه ، بل لعل المتجه
وجوب ذلك عليه ، بناء على ما سمعته في المتن من وجوب أكله منها حفظا لنفسه.
إلا أن ذلك كله لا
يخلو من نظر وإن تجشم بعضهم له بادراجه في الدفاع ، ولكن عليه فلو قتله كان دمه
هدرا ، بخلاف العكس ، بل في المسالك « لو منعه ـ أي غير المضطر ـ المضطر فمات جوعا
ففي ضمانه له وجهان :
من أنه لم يحدث
فيه فعلا مهلكا ، ومن أن الضرورة أثبتت له في ماله حقا ، فكأنه منعه من طعامه »
وإن كان لا يخفى عليك ضعف الوجه الثاني.
كما أن ما فيه
أيضا من أنه « في مقدار ما يجب على المالك بذله من سد الرمق أو القدر المشبع وجهان
مبنيان على القدر الذي يحل من الميتة » كذلك لما عرفته من وضوح ضعف الثاني منهما
عندنا ، لأن الضرورة تقدر بقدرها ، إلا أن يفرض ضرورته إلى أزيد من ذلك.
ثم إن كان المضطر
قادرا على دفع ثمنه لم يجب على المالك بذله مجانا قطعا ، لأن ضرورة الجائع تندفع
ببذله الثمن القادر عليه ، بل لو كان عاجزا لم يجب بذله كذلك وإن قيل ، كما حكاه
المصنف بقوله : ( وهل له
المطالبة بالثمن؟ قيل : لا ، لأن بذله واجب فلا يلزم العوض ) للأصل ومعلومية عصمة مال المسلم ، ووجوب البذل عليه لا
ينافي ثبوت العوض في ذمة المبذول له ، فهو حينئذ كوجوب بذل