بقوله : « لله علي
» الذي هو جزء صيغة الالتزام ، لعدم دلالته عليه بإحدى الدلالات بل لا بد من نية
القربة مقارنة للصيغة ، ويبقى عليهم المطالبة بدليل كونه عبادة ، ضرورة توقفها على
أمر يقتضيها ، وليس ، كما أنه لا دلالة في شيء مما ذكروه من النصوص الكثيرة التي
ادعوا دلالتها على ذلك ، ضرورة أنه لا تفيد سوى اعتبار كون النذر لله ، أي لا
لغيره ، بمعنى أنه يجب في صيغته التي هي سبب الالتزام أن يقول : « لله علي » بمعنى
عدم انعقاد النذر لو جعل الالتزام لغير الله من نبي مرسل أو ملك مقرب ، وهذا غير
معنى نية التقرب.
وظني والله أعلم
أن الاشتباه من هنا نشأ ، وذلك لأنهم ظنوا أن هذه النصوص والتي دلت على المعنى
المزبور دالة على اعتبار نية القربة ، ولا يخفى عليك أن كون الفعل لله بمعنى
امتثالا لأمره مباين لكونه له ، بمعنى أنه يعتبر في التزام النذر كون الصيغة
الالتزام له لا بغيره ولا مدخلية له في نية القربة ، كما هو واضح.
وحينئذ فالمعتبر
في النذر كونه لله بالمعنى الذي ذكرناه لا غيره ، وهذا يجامع نذر المباح وغيره ،
فان فرض إرادتهم من نية القربة المعنى المزبور كما هو ظاهر سيد المدارك في شرح
النافع حيث قال : « ويشترط في صحة النذر قصد الناذر إلى معنى قوله : « لله » وهو
المعبر عنه بنية القربة ، وإنما لم يذكره المصنف صريحا ، لأن الظاهر من حال
المتلفظ بقول : « لله » أن يكون قاصدا إلى معناه ، حتى لو ادعى عدم القصد لم يقبل
قوله فيه » إلى آخره ، بل هو ظاهر بعض ما سمعته من المسالك فمرحبا بالوفاق ، إلا
أنه لا وجه للقول بعدم صحته من الكافر لتعذر نية القربة منه ، ولا لقولهم : إن نية
القربة يجزئ عنها قول : « لله » ولا نحو ذلك مما لا يخفى عليك من كلماتهم ، حتى
قول المصنف وغيره تفريعا على اعتبار نية القربة ( فلو قصد منع نفسه بالنذر لا لله لم ينعقد ) مع أنك قد عرفت نذر الزجر الذي معناه أن المكلف يوقعه
لإرادة منع نفسه عن فعل باعتبار عظم المنذور الذي يقتضي وقوع الفعل منه الالتزام
به بسبب النذر.