وأما ما في المتن
من أنه قيل : تأثم ولا كفارة استضعافا للرواية وتمسكا بالأصل فلم نتحققه قبل
المصنف ، كما عن جماعة الاعتراف به أيضا ، كالشهيد في النكت وغيره ، بل قيل : لم
يحكه أحد عدا المصنف هنا والفاضل في القواعد والإرشاد ، نعم قد اختاره جماعة من
المتأخرين كالفخر وثاني الشهيدين في المسالك والروضة وسبطه.
لكن فيه أن ضعف
الرواية منجبر بما سمعت ، فينقطع الأصل بها ، مضافا إلى الإجماعين المزبورين
المعتضدين بما عن الغنية من الإجماع على وجوب الصوم هنا ، فلا محيص حينئذ عن القول
بالوجوب ، إنما الكلام في أنه تخييري أو مرتب ، والأقوى الأول ، لما عرفت ،
والأحوط الثاني.
ثم إن سياق الخبر [١] المزبور ظاهر في
كون ذلك للمصاب كما قيد به المصنف وغيره ، بل لا يبعد إرادة من أطلق حتى المرتضى
ذلك للانصراف ، ودعوى الأولوية ممنوعة ، لأن الجز في المصاب مشعر بعدم الرضا بقضاء
الله تعالى دون غيره ، نعم لا فرق بين مصاب القريب والبعيد ، أما اعتبار جز جميع
الشعر فقد جزم به في المسالك ، وفي كشف اللثام إشكال ، ولعله من الخلاف في إفادة
مثل هذه الإضافة العموم أو لا ، وفيه أنه لا إشكال في انصراف المقام إلى المتعارف
الذي يتحقق في البعض ، بل لو أريد استقصاء الجميع حقيقة ندر تحققه ، ولعله لذا قال
في الرياض : « وهل يفرق بين كل الشعر وبعضه؟ ظاهر إطلاق الرواية العدم ، واستقر به
في الدروس ، لصدق جز الشعر وشعرها عرفا بالبعض ، وهو أحوط ، بل لعله أقرب ، لكون
جز الكل نادرا ، فيبعد حمل النص [٢] عليه ».
ويلحق بالجز الحلق
والإحراق كما عن بعض ، وهو وإن كان أحوط لكنه لا يخلو من نظر ، لعدم اندراجه في
موضوع اللفظ ، وعدم الفحوى أو الأولوية المفيدة ، والله العالم.
[١] و (٢) الوسائل
الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الكفارات الحديث ١.