الذي ذكره معناه
مضي حكم الأجنبي وصيرورته كالأهل مع عدمهم ، وإلا فالتوكيل لا ريب في جوازه مع
وجود الأهل فضلا عن حال عدمهم ( وبالجملة ) لا يخفى ما في كلامه من الغبار ، خصوصا
مع ملاحظة كلام الأصحاب والتأمل في الآية الشريفة [١] ونصوص [٢] الباب ، والله
المسدد للصواب.
وكيف كان ف هل
بعثهما على سبيل التحكيم أو التوكيل قولان إلا أن الأظهر منهما والأشهر بل المشهور
بل عن ظاهر السرائر وفقه القرآن الإجماع عليه ، وفي محكي المبسوط أنه مقتضى المذهب
أنه تحكيم لأنه مقتضى تسميتهما حكمين في الكتاب [٣] والسنة [٤] والفتاوى ومقتضى
خطاب غير الزوجين ببعثهما ، والوكيل مأذون ليس بحكم ، والمخاطب به الزوجان لا
غيرهما ، ولأنهما إن رأيا الإصلاح فعلاه من غير استئذان ، ويلزم ما يشترطانه
عليهما من السائغ ، ولو كان توكيلا لم يقع إلا ما دل عليه لفظهما ، وكون الزوج
والزوجة رشيدين ، والحق لهما لا ينافي حكم الشارع عليهما كالمماطل ، فإنهما
بالإصرار على الشقاق صارا كالممتنعين عن قبول الحق ، فجاز الحكم عليهما ، كما أن
عدم اعتبار الاجتهاد فيهما لا ينافي مضى حكمهما ، لأن محله أمر معين جزئي يجوز
تفويض أمره إلى الآحاد كنظائره ، وليس هو من الرئاسة العامة التي يعتبر فيها
الاجتهاد ، مع أن مثل ذلك لا يعارض ظاهر الكتاب والسنة ، خصوصا والحاكم في الحقيقة
الحاكم الذي أرسلهما ، فهما بمنزلة الوكيلين.
والظاهر عدم
اعتبار رضا الزوجين في بعثهما بناء على المختار ، ضرورة كون ذلك سياسة شرعية.
نعم قد يقال
باعتبار رضاهما على التوكيل مع احتمال عدمه أيضا ، على معنى أنهما مع الامتناع
يوكل عنهما الحاكم قهرا.
ولا ريب في اشتراط
البلوغ والعقل والاهتداء إلى ما هو المقصود من بعثهما ،