ولا يراجعها حتى
تنقضي عدتها وتبين عنه بانقضاء العدة ، فإنه يجوز له كل من الأمرين ، لكون الطلاق
في المرتين رجعيا ، ومقتضاه جواز الرجوع في العدة ، ويكون قوله تعالى (
فَإِمْساكٌ ) بيانا للازم الحكم الأول ، وهو كون الطلاق رجعيا.
وقيل : إن المعنى
في الآية : الطلاق الشرعي مرتان ، أي تطليقة بعد تطليقة ، على أن تكون التثنية
لمطلق التكرير ، كما في قوله تعالى [١]( ثُمَّ ارْجِعِ
الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ ) أى كرة بعد اخرى ، والفرض نفي شرعية الجمع والإرسال كما
ذهب إليه أكثر العامة ، ووجوب التفريق بين الطلاقين كما ذهب إليه أصحابنا ، وعلى
هذا يكون قوله تعالى ( فَإِمْساكٌ ) تخييرا للأزواج
بعد تعليمهم كيفية الطلاق الشرعي بين الإمساك بحسن المعاشرة والقيام بحقوق الزوجية
والتسريح بالإحسان ، أي التسريح الجميل الذي علمهم ، وهو الطلاق الذي لا إرسال فيه
، أو يكون المعنى على قياس ما سبق في الأول أنه بعد وقوع الطلاق المشتمل على
التفريق ما يوجب أحد الأمرين من إمساك الزوجة بالرجوع وتسريحها بالطلاق الثالث ،
أو ترك الرجوع حتى تنقضي العدة ، وذلك لأن تفريق الطلاق يستلزم تعدده ، وأقل ما
يصدق معه التعدد المرتان ، فيكون الطلاق الواقع بعده ثالثا ، وحينئذ يكون قوله
تعالى ( فَإِمْساكٌ ) إلخ بيانا لحكم
الزوجة بعد تطليقها من غير ترتب على سابقه كما في الأول.
وكيف كان فالطلاق
المشار اليه بقوله تعالى ( فَإِنْ طَلَّقَها ) هو الثالث ، أما
على الأول فظاهر ، وأما على الثاني فلأن المعنى إن طلقها بعد التكرير ، أى
التطليقة الواقعة بعد اخرى ، ولا ريب في صدق المعنى المذكور في الطلاق الثالث ،
فإن أقل ما يتحقق معه التكرير مرتان ، والواقع بعد هما هو الثالث.
لكن لا يخفى أن
الأصح ما قلناه أولا من أن المراد الطلاق الرجعي وأن الثالث هو التسريح بإحسان ،
أما الأول فلوضوح كون المرتين حقيقة في معنى التثنية ، واستعماله في مطلق التكرير
مجاز قليل الاستعمال ، ودعوى تبادر الشرعي في أمثال