ومن هنا عدل جماعة
أخرى عن الجواب بذلك إلى دعوى النسخ في زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وإن نهي عمر كان عن نهيه لا من نفسه ، فالمراد من قوله : «
أنا أنهى » إني أبين أن الأمر تقرر على النهي ، ومن قوله : « كانتا » الكون في بعض
أوقاته ، محتجين على ذلك بالأخبار التي رووها [١] وبأن عمر قد ذكر التحريم على المنبر بملإ من الصحابة
والناس ، ولو لا معلومية النسخ لأنكرت عليه الصحابة ، سيما أمير المؤمنين عليهالسلام الذي لا زال ينكر
على اجتهاده.
وفيه أولا : أنه
خلاف ظاهر الخبر المزبور ، وثانيا أنهم رووا في صحاحهم المشهورة ما يدل على عدم
نسخها ، فعن صحيحي البخاري ومسلم وتفسير الثعلبي عن عمران بن حصين [٢] قال : « نزلت آية
المتعة في كتاب الله عز وجل ولم تنزل آية بعدها تنسخها ، فأمرنا بها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم ينهانا عنها
، فقال رجل برأيه ما شاء » قال البخاري : « يقال إنه ـ أي الرجل المذكور ـ هو عمر
» بل قال مسلم : « يعنى عمر » ولم يقل « يقال » وما عن الصحيحين أيضا عن ابن
مسعود [٣] قال : كنا نغزوا مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ليس معنا نساء ، فقلنا ألا نستحصن فنهانا عن ذلك ، ثم رخص
لنا أن نستمتع فكان أحدنا ينكح المرأة بالثوب إلى أجل ، ثم قرأ عبد الله ( يا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ ) » [٤] فإن قراءة الآية
بعد إخباره عن حل المتعة صريحة في دوام الحل وبطلان النسخ ، بل فيها تعريض بمن
حرمها ، وما عن تفسيري الثعلبي ومحمد بن جرير الطبري وابن الأثير في نهايته عن
علي بن أبى طالب عليهالسلام[٥] قال : « لو لا أن نهى عمر عن المتعة ما زنى إلا شقي » وفي
المحكي