من قسمي استيفاء
العدد ( إذا استكملت الحرة ثلاث طلقات ) لم ينكحها بينها زوج آخر ( حرمت على
المطلق حتى تنكح ) دواما ( زوجا غيره ) وتذوق عسيلته ويذوق عسيلتها بلا خلاف أجده
في شيء من ذلك ، بل الإجماع بقسميه عليه ، مضافا الى الكتاب [١] والسنة [٢] قال الله تعالى ( الطَّلاقُ
مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ) ـ ثم قال : ـ ( فَإِنْ
طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ،
فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا ) » الآية فإنها
صريحة في حرمة المطلقة على زوجها بالطلاق ، وأن حلها موقوف على أن تنكح زوجا غيره
، وأما أن الطلاق المحرم هو الثالث فمستفاد منها بمعونة تعقيبها لقوله تعالى : ( الطَّلاقُ
مَرَّتانِ ) فإنه يقتضي كون المعنى إن طلقها بعد المرتين أى التطليقتين
الأولتين ، والطلاق الواقع بعدهما ليس إلا الثالث ، إذ غيره لا يطلق عليه أنه بعد
المرتين عرفا ، بل بعد الثلاث فما زاد ، ولأن التحريم بالثالث يقتضي انتفاءه في
غيره ، إلا إذا انتهى الدور ، فيحرم لكونه ثالثا أيضا ، فلا يكون التحريم إلا به.
ثم إن الظاهر
إرادة الرجعي من الطلاق في قوله تعالى ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ ) بمعنى إن الطلاق
الرجعي الذي يجوز للزوج الرجوع فيه مرتان ، أي تطليقتان ، فالثالث بائن لا رجعي ،
ومعنى قوله تعالى ( فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ
بِإِحْسانٍ ) إن الزوج بعد التطليقتين الأولتين مخير بين إمساك المرأة
بالرجوع وحسن المعاشرة على الوجه المعروف شرعا وعرفا وتسريحها بالإحسان ، بأن
يطلقها التطليقة الثالثة