فلا يصلحان لقطع
الأصل وتقييد الأوامر بقراءة القرآن ، على انهما معارضتان بمفهوم موثقتي سماعة ،
إذ ظاهرهما نفي الكراهة في هذا المقدار ، فكان القول بالكراهة حينئذ ضعيفا.
( وأما المقام
الثالث ) وهو الكراهة فيما زاد فهو المشهور ، بل لا أعرف فيه خلافا سوى ما يظهر من
صاحبي المدارك والحدائق من القول بعدمها ، وربما تشعر به عبارة الفقيه والهداية وكذا
عن المقنع ، لمكان إطلاق نفي البأس فيها عن قراءة القرآن كله خلا العزائم ، وقد
يراد منه الجواز ، فلا خلاف كما يشعر به استثناء العزائم ، وقد يشعر بعدم الكراهة
أيضا عبارة العلامة في المختلف وغيرها من عبارات القدماء كالانتصار والخلاف
والسرائر ، وخص ابن حمزة الكراهة بما فوق السبعين ، وظاهره نفيها فيما دون ، وكيف
كان فيدل على الكراهة مضافا الى كونه فتوى المشهور ظاهر إجماع الغنية ، وموثقة
سماعة المتقدمة بحمل المفهوم فيها على نفي الاذن المحمول على الكراهة بعد عدم
صلاحيته للحرمة كما عرفت ، وما يقال : ان سماعة واقفي والخبر مقطوع فيه انه لا
يمنع من ثبوت الكراهة بعد انجباره بفتوى الأصحاب وبإجماع الغنية ، وكذا ما في
الحدائق من احتمال حمله على التقية وان لم ينقل عن العامة القول بمضمونه ، لعدم
اشتراط ذلك في الحمل عليها ، وقد يستدل عليها أيضا بالروايتين السابقتين بعد تقييد
النهي فيهما بذلك ، وحمله على الكراهة بمعونة ما سمعت من امتناع حمله على ظاهره.
وأشد من ذلك قراءة
سبعين كما في القواعد والإرشاد وشرح الدروس والرياض ، للجمع بين موثقة سماعة
المتقدمة وبين موثقته الأخرى بحمل الأولى على الكراهة والثانية على شدتها ، ولعل
الجمع بينهما بحمل المطلق على المقيد يقضي بتخصيص الكراهة فيما زاد على السبعين
كما هو الظاهر من ابن حمزة ، لكنك قد عرفت انه مخالف لفتوى المشهور بل ظاهر إجماع
الغنية ، فتعين الجمع الأول حينئذ ، إلا ان الذي يظهر من كثير من الأصحاب ان ما
زاد على السبع في مرتبة واحدة من الكراهة إلا من حيث