وما سمعت أحدا
يكره من ذلك شيئا إلا ان عبد الله بن محمد كان يعيبهم عيبا شديدا ، يقول : جعلوا
سورة من القرآن في الدرهم ، فيعطي الزانية وفي الخمر ويوضع على لحم الخنزير » ومن
انه لا دليل على وجوب التعظيم فلذا كان الحكم بالكراهة متجها عند بعض المتأخرين ـ مما
لا ينبغي ان يصغى اليه ، أما الطعن فهو على تقدير تسليمه منجبر بما عرفت من الإجماع
المنقول الذي يشهد له التتبع لفتاوى الأصحاب ، وبه يتضح عدم مقاومة الرواية الأولى
لها ، على انها غير صريحة في الدلالة على مس الاسم ، وكونه فيها أعم من ذلك ، مع
عدم الجابر لدلالتها ، وأما ما سمعته من المنقول عن جامع البزنطي فهو مع ابتنائه
على معروفية نقش الدرهم الأبيض بلفظ الجلالة لا صراحة فيه في المطلوب ، إذ أخذه
أعم من ذلك ، وأما ما في ذيله فهو ـ مع دلالته على جواز مس كتابة القرآن المنقوشة
على الدرهم ، وقد عرفت في السابق ما يدل على فساده ـ محتمل لكونه من غير الامام عليهالسلام ولأمور أخر ، بل
ينبغي القطع بذلك عند التأمل ، وأما ما ذكره من عدم وجوب التعظيم فهو مسلم ان أريد
به زيادة التعظيم ، وكذا يمكن تسليمه في التعظيم الذي لا يكون تركه تحقيرا ، وأما
التعظيم الذي يكون تركه تحقيرا فلا ينبغي الإشكال في وجوبه ، بل لعله من ضروريات
المذهب بل الدين ، ولعل ما نحن فيه فمن هذا القبيل ، وان كان ليس لأهل العرف نصيب
في معرفة التحقير بالنسبة للجنابة ونحوها ، إلا انهم يحكمون بذلك من جهة مؤانسة
الشرع ، كمنعه من دخول المساجد ومس كتابة القرآن ونحوهما ، على انه يمكن دعوى وجوب
التعظيم الذي لا يكون تركه تحقيرا من قوله تعالى [١]( وَمَنْ يُعَظِّمْ
شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) نعم أقصى ما يسلم
من عدم وجوبه انما هو زيادة التعظيم كوضع القرآن مثلا في أعلى الأماكن وأرفعها
ونحو ذلك ، لأصالة البراءة وقضاء السيرة به ، مع عدم تناهي أفراد زيادة التعظيم
فتأمل ،