لأن الحدث عبارة
عن الخروج لا التحرك عن محله من غير فرق في ذلك بين الأصغر والأكبر ، وكذلك الكلام
لو حبسه حتى صلى مثلا بلا خلاف أجده في ذلك بين أصحابنا ، بل قد يظهر من بعضهم
الإجماع عليه ، وبه صرح الحلبي والمصنف والعلامة والشهيد والمحقق الثاني وغيرهم ،
نعم نقل في المنتهى قولا عن بعض علمائنا بالإعادة ولم نعرفه ، ولعل مستنده ما في صحيح ابن مسلم [١] المشار اليه
سابقا « عن الرجل يخرج من إحليله بعد ما اغتسل شيء ، قال : يعيد الغسل ويعيد
الصلاة » ولا دلالة فيها على كون الصلاة قبل الخروج حتى ترك الاستفصال لعدمه في
السؤال ، فوجب تنزيلها على ما يوافق المختار ، فتأمل جيدا.
بقي شيء ينبغي
التنبيه عليه ، وهو انه لا إشكال عندهم بحسب الظاهر في كون هذا الغسل الذي أعيد
للبلل المشتبه غسل جنابة ، ويجري عليه حكم غسل الجنابة من الاجتزاء عن الوضوء
وغيره كما انه يجري على المكلف أحكام الجنابة قبل فعله ، وعساه الظاهر من الأخبار [٢] لأمرها بإعادة
الغسل الأول ، ولم يتضمن شيء منها أمرا بالوضوء لاحتمال البولية. لكن هل ذلك
مخصوص بما كان مشتبها من كل وجه كما هو الغالب ، أو انه شامل لكل ما احتمل فيه انه
مني وان قطع بدورانه بينه وبين البول؟ يحتمل الأول ، فيبقى غيره على مقتضى القواعد
، وهي تقتضي في نحو ما ذكرنا من المقطوع بكونه إما منيا أو بولا إيجاب الغسل
والوضوء ، لأن الشغل اليقيني محتاج الى الفراغ اليقيني ، لكن يشكل ان مقتضى ذلك
الحكم بالدائر بين المني والمذي عدم الالتفات ، للأصل وقاعدة اليقين ونحو ذلك.
ومنه ينقدح قوة القول بان المستفاد من الأدلة كون الأصل في الخارج قبل الاستبراء
بعد الجنابة منيا حتى يعلم الخلاف ، من غير فرق بين ان يكون مجهولا من كل وجه أو
من بعضها ، كما انه ينقدح ان الأصل يقضي بكون
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٢٦ ـ من أبواب الجنابة ـ حديث ٦.