يشعر به استدلاله
عليه في الاستبصار بالأخبار المتضمنة لهذا الحكم ، وتفريع هذا الحكم عليه في
المبسوط والمراسم والمهذب والجامع ، فتحمل باقي العبارات عليه ، ولذا قال في كشف
اللثام : « ويمكن انتفاء النزاع لاتفاق الكل على ان الخارج من غير المستبرئ إذا
كان منيا أو اشتبه به لزم إعادة الغسل ، ولا شبهة في بقاء أجزائه في المجرى إذا لم
يستبرئ ، فإذا بال وظهر منه بلل تيقن خروج المني أو ظنه فوجب إعادة الغسل ، ولعله
الذي أراده الموجبون » انتهى. وهو جيد سوى ما يظهر منه من إيجاب الغسل بالبول لما
فيه من خروج المني أو مظنونه ، فإنه ـ مع إمكان منع لزوم خروج شيء مع البول إذ قد
يكون بولا محضا أو يعلم أنه مذي أو وذي أو غير ذلك ـ فرق بين الاشتباه في البلل
بعد القطع بخروجه وبين الاشتباه في أصل الخروج ، فقوله : إذا بال يتيقن أو يظن
خروج المني فيه ما لا يخفى ، فإنه مع تسليم حصول الظن غير مجد ، فتأمل جيدا.
وأما الصحيحة
المتقدمة فهي مع كون الأمر فيها بالجملة الخبرية غير صريحة ، لو رودها في سياق
الأمر المستحب ، مضافا الى عدم صلاحيتها للاستدلال لما يظهر من بعض العبارات
المتقدمة ، إذ لم تقيد بالقدرة على البول ، وقد يشعر بالاستحباب النبوي [١] أيضا « من ترك
البول على أثر الجنابة أو شك تردد بقية الماء في بدنه ، فيورثه الداء الذي لا دواء
له » ومما عرفت يظهر لك ضعف الظن بإجماع الغنية ، على انه منقول على وجوب البول
والاجتهاد فيه ثم الاستبراء من البول ، مع ان ما سمعت من عبارات الأصحاب تشهد
بخلافه.
ثم ان المتبادر من
النص والفتوى اختصاص استحباب الاستبراء بالمجنب بالإنزال ، وبه صرح جماعة ، ونسب
الى المشهور ، لظهور ان الحكمة في الاستبراء المشار إليها في الروايات [٢] من إخراج أجزاء
المني هي في المنزل خاصة ، وما في الذخيرة ـ من الإيراد
[١] المستدرك ـ الباب
ـ ٣٦ ـ من أبواب الجنابة ـ حديث ١ مع اختلاف في اللفظ.