استعمال لفظ البيع
والصلح والإجارة ونحوها ، بل ظاهر عنوان الأصحاب لها وجعل كل منها في كتاب أنها
جميعا من واد واحد ، فكتاب عقد البيع وعقد الصلح وعقد الإجارة وعقد النكاح بمعنى
واحد ، بل لو ادعى مدع أن الإضافة في خصوص الأخير بيانية دون غيرها لكان من
الغرائب ، وقد عرفت في أول كتاب البيع أن الأصح كونه اسما للنقل لا للانتقال ولا
للعقد ، كما أوضحناه على وجه لا يكاد يعتريه شك ، وقلنا : إنه المطرد في سائر
استعمالات ألفاظه ، حتى ألفاظه الواقعة في إيجاب عقده ، ضرورة عدم صحة إرادة العقد
منها بعد فرض كونها إيجابا له ، فلا يراد من « بعت » إيجابا « عقدت » ولا الانتقال
، بخلاف النقل ، وذلك كله جار في لفظ « أنكحت » إيجابا ، فان إرادة العقد منها
واضح الفساد ، وكذلك الوطء ، فليس حينئذ إلا النقل والتسليط على البضع وإثبات
السلطنة عليه ، وهذا هو المراد بالنكاح ، نحو البيع والصلح والإجارة وغيرها ،
والعقود إنما هي سبب في حصولها.
ولئن كان في أذنيك
وقر عن سماع هذا فلا ريب في عدم ثبوت حقيقة شرعية له ، بل هو لغة وشرعا مستعمل في
العقد والوطء خصوصا والضابط في الحقيقة شرعية له ، ما كان حقيقة في لسان المتشرعة
، بمعنى أنه ما كان كذلك عندهم ، فهل هو حقيقة عند الشارع فيه أولا؟ ولا ريب في
عدم ثبوت الحقيقة المتشرعية في لفظ النكاح عندهم ، وكونه بمعنى العقد على وجه لو
استعملوه في الوطء احتاجوا إلى قرينة نحو قرائن المجازات ، بل ستعرف فيما يأتي
إنشاء الله تعالى من البحث في العقد عدم معاملة عقد النكاح معاملة غيره من الحقائق
الشرعية المجملة ، نحو الصلاة وغيرها ، على وجه يأتي البحث فيما شك في جزئيته
وشرطيته ومانعيته ، بل عاملوه معاملة غيره من العقود المستدل بإطلاق الأدلة [١] على نفي جميع ما
يدعى شرطيته.
ومن الغريب دعوى
عدم شيوع النكاح بمعنى الوطء في لسان الشرع ، فإن ملاحظة الأخبار النبوية [٢] فضلا عن غيرها الواردة
في النكاح والمرغبة فيه