لقوته ، وما قيل
من تقدم المنطوق على المفهوم إنما هو مع التعادل من سائر الجهات ، لا أن المنطوق
من حيث أنه منطوق مقدم على المفهوم من حيث إنه مفهوم ، وما يقال ـ من أن المفهوم
وإن ترجح باعتبار كونه خاصا فالعام يترجح لكونه منطوقا فيتعادل الدليلان ـ يدفعه
أن تعادل الدليلين بتعادل جهتي الترجيح ، وهما هنا غير متكافئين ، لأن الفهم
يتسارع الى التخصيص عند جمع الدليلين وملاحظتهما من غير توقف ، ولأن تخصيص العموم
شائع كثير بخلاف إلغاء المفهوم ، ولأن دلالة المفهوم على المورد المعين أظهر من
دلالة المنطوق العام عليه ، والترجيح ها هنا ليس إلا لقوة الدلالة خصوصا المفهوم
في قوله تعالى [١]( ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ
الْعَنَتَ ) حتى قيل : إنه لا يقصر عن المنطوق.
وما في التاسع من
أن العامل في قوله تعالى ( فَمِنْ ما مَلَكَتْ
أَيْمانُكُمْ ) فعل النكاح المقدر بقرينة ذكره في الشرط ، والتقدير إن من
لم يستطيع أن ينكح المحصنات المؤمنات فلينكح أو فله أن ينكح مما ملكت ، وقد عرفت
أن النكاح حقيقة فيما لا يشمل الملك ، على أن الحمل على إرادة التسري ينافيه
معلومية عدم اشتراطه بعدم الاستطاعة وخوف العنت ، بل وقوله تعالى (
فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ ) وقوله تعالى ( وَآتُوهُنَّ
أُجُورَهُنَّ ) بل وقوله تعالى ( وَأَنْ تَصْبِرُوا
خَيْرٌ ) إذ لا ريب في جواز التسري والوطء بملك اليمين من دون كراهة
ولا منع ، سواء قدر على الحرة أو لم يقدر ، وسواء خشي العنت أو لم يخش.
وقد ظهر لك من ذلك
تمامية دلالة الآية على المطلوب ، وكفى بها دليلا فضلا عن النصوص المذكورة.
ولكن مع ذلك كله
قيل والقائل جماعة يكره ذلك أي نكاح الأمة من دونهما أي الشرطين وهو الأشهر بين
المتأخرين ، بل في الغنية الإجماع عليه ، للأصل المستفاد من عموم الكتاب [٢] والسنة [٣] وقول الصادق عليهالسلام