يتأبى من نكاح
الأمة سواء كان محتاجا إليه أم لم يكن ، وسواء أراد نكاحها أو لم يرد ، وغير
المستطيع ليس غالبا في أفراده ، وإنما هو غالب في أفراد المحتاج إلى نكاحها أو
المريد له ، إلا أنه ليس موضوعا للحكم المزبور بالجواز ، لأنه غير مقصور عليه ،
ولا على مريد النكاح لعدم تأثير الإرادة في الحكم الشرعي ، على أن بناء المناقشة
على الظاهر ، ومقتضاه اختصاص الجواز بغير المستطيع ، وإرادة الغالب على تقديره
خروج عن الظاهر ، فلا يصار اليه إلا بدليل.
وما في الرابع من
أن « من » في الآية إما شرطية والفاء في جوابها ، أو موصولة والفاء في خبرها ،
وعلى كل حال فالمفهوم معتبر ، أما الأول فلأن حجية المفهوم للدلالة على الاشتراط ،
فمتى حصلت تبعها المفهوم ، سواء كان اللفظ صريحا في الشرط أو متضمنا له ، كأكثر
كلمات الشرط ، بلا خلاف نجده بين علماء العربية والتفسير والأصول والفقه وغيرهم ،
كما لا يخفى على من لاحظ كلماتهم ومواضع استدلالهم بأمثال ذلك ، بل كل ما دل على
اعتبار المفهوم في الأول دال عليه فيها أيضا ، ولم يخص أحد النزاع بالأول ، وتعبير
بعضهم بان ليس تخصيصا قطعا ، بل هو تعبير عن محل النزاع بما يعبر به غالبا ، وأما
على الثاني فلأن دخول الفاء في الخبر يدل على تضمن الموصول معنى الشرط كما صرح به
أئمة العربية فيه ، بل وفي كل موصوف ، فيكون المفهوم معتبرا ، ولا يقدح فيه عدم
وضعها لمعنى الشرط كالشرطية ، إذ العبرة بفهمه مطلقا ولو بالقرينة ، لا باستفادته
من جهة الوضع بخصوصه.
لا يقال دخول
الفاء إنما يقتضي الإيذان بالشرط حتى كأن الموصول والموصوف متضمن له دخيل ( متضمنا
له دخيلا ظ ) في معناه ، ولا يقتضي كونه متضمنا له حقيقة تضمن كلمات الشرط ، مثل «
من » و « ما » و « متى » معنى « إن » الشرطية ، ومن ثم لم يلتزم فيه الإبهام
المعتبر في كلمات الشرط ، بل جاز أن يكون خاصا ، كما في قوله تعالى [١]( الَّذِينَ
فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ) المسوق للحكاية عن جماعة خاصة ، وكذا لم يجب أن يعامل معاملة
كلمات الشرط من التزام الفاء في الجواب ،