لما عرفته من ظهور
النص والفتوى بخلافه ، مضافا الى إطلاق الرضاع ، فتأمل جيدا.
وكيف كان فقد عرفت
أنه لا بد في التقديران الثلاثة من ارتضاعه أي المرتضع من الثدي في قول مشهور ،
تحقيقا لمسمى الارتضاع ، فلو وجر في حلقه أو أوصل إلى جوفه بحقنة وما شاكلها من
سعوط وتقطير في إحليل أو ثقب من جراحة أو نحو ذلك لم ينشر حرمة ، لعدم صدق
الارتضاع ، ول خبر زرارة [١] عن الصادق عليهالسلام « لا يحرم من الرضاع إلا ما ارتضعا من ثدي واحد حولين
كاملين » الذي هو نص في المطلوب وإن كان ظاهره غير مراد ، فيبقى حينئذ عموم الحل
سالما بعد حرمة العمل على العلة المستنبطة ، خلافا للعامة للقياس المعلوم بطلانه
عندنا بعد فرض حصول موضوعه ، بل عن بعضهم الحرمة بالسعوط ، لأن الدماغ جوف للتغذي
كالمعدة ، أو لأن الحاصل فيه ينحدر إليها في عروق متصلة بها.
وكذا لو جبن فأكله
جبنا بلا خلاف أجده في شيء من ذلك بيننا ، بل في كشف اللثام نسبته إلى علمائنا أجمع
إلا في الجور ، فاعتبره الإسكافي والشيخ في موضع من المبسوط ، مع أنه قوى المشهور
في مواضع أخر ، للمرسل [٢] عن الصادق عليهالسلام « وجور الصبي اللبن بمنزلة الرضاع » ولكن مع فقده شرائط
الحجية وعدم صراحته لاحتمال إرادة المنزلة في الغذاء ونحوه قد أعرض عنه الأصحاب ،
ولدعوى شمول الرضاع ، وهي ممنوعة ، ولأن العلة في التحريم الإنبات ، وهو حاصل
بالوجور كالرضاع ، وفيه منع كون العلة ذلك ، ومنع العمل على العلة المستنبطة ،
ويمكن أن يكون للرضاع مدخلية ، فلا إشكال حينئذ في عدم اعتبار الوجور.
بل لا يبعد أن
يكون في حكم وجور الحليب الوجور من الثدي ، فإن المعتبر هو ما كان بالتقامه الثدي
وامتصاصه ، كما صرح به في كشف اللثام ، بل قد يشك
[١] الوسائل الباب ـ
٥ ـ من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث ٨.
[٢] الوسائل الباب ـ
٧ ـ من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث ٣.