القسط والعدل ،
المشعر بكون الأمر لانتفائه في المأمور به وسلامته عنه ، وذلك قرينة واضحة على
إرادة الرخصة منه ، من غير التفات إلى الوجوب والندب ، والمعنى حينئذ إن خفتم أن
لا تعدلوا في يتامى النساء إذا تزوجتم بهن فانكحوا ما طاب لكم من النساء من غيرهن
، فإنهم كما قيل كانوا يتزوجون اليتامى اللاتي في حجورهم ، طمعا في المال أو رغبة
في الجمال ، فيجتمع عند الواحد منهم منهن ما لا يقدر على القيام بحقه ، أو إن خفتم
أن تجوروا على من لكم الولاية عليهم من يتامى النساء بأخذ أموالهن وصرفها في مؤمن
تزويجكم ( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ
مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ، ) ولا تزيدوا حتى لا يحوجكم إلى ذلك ، فقد قيل : إن الرجل من
قريش كان يتزوج العشر من النساء وأكثر ، فإذا عدم تناول من أموال اليتامى المولى
عليهم ، فنزلت هذه الآية [١] أو غير ذلك مما قيل في الآية مما هو مشترك فيما ذكرناه من
عدم الالتفات فيه إلى الوجوب والندب ، وأنه لا يراد منه سوى الرخصة والإباحة ، نح
قول القائل : « إن خفت من ضرر هذا الطعام فكل من ذلك » فان المفهوم أن الطعام المأمور
به خال عن الضرر مرخص في أكله ، وأما أن أكله مطلوب ومراد فلا يفهم منه ، على أن
المفهوم من الآية في أكله ، وأما أن الأربع ، ومن ثم استدلوا بها على حصر الجواز
في ذلك ، بل أمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عند نزولها من كان عنده أزيد من أربع بإمساك الأربع وتسريح
البواقي [٢] وذلك إنما يصح لو كان الأمر للإباحة ، فإن مفهوم العدد
حينئذ يقتضي تحريم الزيادة ، بخلاف ما لو كان الأمر للندب ، فإنه يقتضي حينئذ عدم
استحبابها ، وهو أعم من تحريمها ، والأمر سهل بعد تعدد الأدلة على المطلوب غيرها
آية ورواية.
[٢] الموجود في سنن
البيهقي ج ٧ ص ١٤٩ وغيرها في هذا الباب أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم
أمر بإمساك أربع ومفارقة سائرهن بالنسبة إلى من أسلم وكان عنده عشرة أو ثمانية
نسوة.