مقدمة لحصول يقين
الفراغ من يقين الشغل ، بخلاف محل الفرض الذي لا يقين فيه بخصوص الشغل وإن كان
هناك يقين بكل الشغل ، إلا أنه قد يمنع وجوب مراعاته ، فلا تجب المقدمة له حينئذ ،
لكن فيه أنه مخاطب قطعا بحرمة نظر الرجل أو الامرأة ، فيجب الاجتناب مقدمة ، كما
يجب عليه ستر عورتيه بعد أن كان مكلفا في الواقع بستر أحدهما ، ونحو وجوب كشف وجهه
ورأسه في الإحرام ، ووجوب ترك زينتى الرجل والمرأة عليه ، وغير ذلك مما يجرى فيه
المقدمة باعتبار العلم بحصول الخطاب بأحد الأمرين المعين في الواقع المشتبه في
الظاهر.
نعم لا يجب عليه
ستر بدنه عدا العورة من الرجل والمرأة ، لعدم العلم بالشغل بناء على عدم وجوب
الستر على الرجل من الامرأة وإن حرم عليها النظر ، والفرض عدم العلم بكونه امرأة ،
فلا يقين بالشغل ، بخلاف الأول الذي قد علم فيه تحقق الخطاب بالغض إلا أنه لم يعلم
من يغض عنه ، وقد كان دائرا بين الرجل والمرأة ، فلا يتم إلا باجتنابهما ، بل
والخنثى معهما ، لأنهما إما رجل أو امرأة ، والفرض وجوب اجتنابهما عليه أصالة
ومقدمة.
أما نظر كل من
الرجل والامرأة إليه فلا يقين بالشغل بالنسبة إلى كل منهما ، فيجوز لكل منهما
النظر اليه بل ولمسه ، وهكذا الكلام في حكم الخنثى في جميع المقامات ، فمتى تحقق
الشغل فكان المكلف به مشتبها باعتبار اشتباه حالها وجب ملاحظة المقدمة ، وإلا فلا
، ومن ذلك عدم نكاحها ، وعدم إنكاحها ، ومنه وجوب ستر بدنها في الصلاة نحو الامرأة
وإن وجب عليها الجهر بالقراءة فيما يجهر فيه مع عدم سماع الأجانب ، أما معه فإن
أمكنها الاحتياط ولو بتكرر الصلاة أو الصلاة في مكان لا يسمعها الأجانب فيه
فالأولى لها مراعاته ، وإلا كانت مخيرة ، بل قد يقال بتخييرها بين الجهر والإخفات
مطلقا باعتبار جهلها به المقتضى لسقوطه ، بناء على تناول دليله لمثل الفرض الذي هو
الجهل بكونها رجلا أو امرأة ، ولعله لذلك أطلق بعضهم تخيرها بينهما ، ولكن
الاحتياط لا ينبغي تركه.