وربما في التوقيع
السابق [١] فإن ذلك جائز لمن جعله صاحب الضيعة قيما عليها ، ولا يجوز
لغيره ، إلا أن الثاني منهما إنما هو في الناظر ، ضرورة كون الوقف فيه خاصا عليه ،
فلا يراد من القيم فيها إلا الناظر في عمارتها ، وأداء خراجها ، ومؤنتها وإيصال ما
بقي من دخلها إليه ، وأما الأول منهما ـ فهو مع أن من الموقوف عليه ولده ، ولم
يتعرض فيه لقبضهم أو للقبض عنهم ، والقيم لا يجدي بالنسبة إليهم ـ ظاهر في
الإكتفاء في مثل هذا الوقف بذلك ، ولا يحتاج إلى قبض ، ولا دلالة فيه على ما ذكروه
من النصب المزبور قبل الوقف أو بعده.
بل لعل التزام ذلك
أولى منه ، بدعوى أنه لا دليل على اعتبار القبض في مثل الفرض ، لاختصاص أدلته بما
لا يشمله ، فإطلاق الأدلة وعمومها بحاله بالنسبة إلى نفي شرطيته فيه ، وحينئذ فما
ذكروه لا يخلو من إشكال ، خصوصا بعد اعترافهم بأن المراد مما أطلقه المصنف وغيره
من النصب ، الحاكم ، لا ما يشمل ذلك.
ولو كان الوقف على
مصلحة كالقنطرة والمسجد ونحوهما كفى إيقاع الوقف على اشتراط القبول عند المصنف
وجماعة ، بل في المسالك أن وجهه ظاهر ، لأن القبول يكون من الموقوف عليه ، وقد
عرفت أن الموقوف عليه في مثل ذلك هو الجهة ، ولا يعقل اعتبار قبولها ، بخلاف ما لو
كان الوقف على معين ، فإن قبوله ممكن.
وإن كان لا يخفى
عليك ما فيه ، ضرورة كون القبول جزء من الوقف الذي قد عرفت الإجماع على أنه من
العقود ، فهو أولى من القبض الذي هو شرط على فرض اعتباره ، وتكلفوا حصوله بقبض
الناظر والحاكم وغيرهما ، وقد مر تحقيق المسألة ، وقلنا الظاهر وحدة سببية الوقف ،
لا أنه عقد في المعين ، وإيقاع في غيره ، وقد استظهرنا كونه عقدا في الجميع ، فلا
بد من القبول من الحاكم أو منصوبه في المفروض ، فضلا عن سابقه.
إنما الكلام في
قول المصنف ومن تأخر عنه هنا ، وكان القبض إلى الناظر في تلك المصلحة الذي هو مبنى
على اعتبار القبض في الوقف مطلقا ، حتى في المسالك نفي الريب عنه ، كما أن فيها
وفي غيرها أيضا أنه إن كان لتلك المصلحة ناظر شرعي من قبل الواقف تولى
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور الحديث ٣.