وموثق حنان [١] « قال أبو عبد
الله عليهالسلام : سألني عيسى بن موسى عن القيم للأيتام في الإبل ما يحل له فيها؟ فقلت له :
إذا لاط حوضها وطلب ضالتها ، وهنأ جريانها ، فله أن يصيب من لبنها من غير نهك لضرع
، ولا فساد لنسل » بناء على أن ذلك أجرة مثله عرفا أو أقل ، فإنه من المعروف أيضا
، ضرورة كون المراد أن الأكل من مال اليتيم لا يكون إلا في مقابلة عمله له فيما له
، وإلا كان من الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما.
نعم أعلى أفراد
الأكل بالمعروف شرعا وعرفا أجرة المثل ، فان نقص عنها زاد في المعروف وقد أحسن إلى
اليتيم ، بل ان لم يأخذ شيئا ، فقد زاد في الإحسان ولم يكن من الأكل بالمعروف الذي
قد رخص فيه في مقابلة العمل للفقير ، دون الغنى الذي أريد منه الاستعفاف عن ذلك ،
مع عمله لليتيم في ماله ، فالمراد حينئذ أن الفقير إن أراد الأكل ، فلا يأكل إلا
بالمعروف ، وهو أن يكون في مقابلة عمل له في مال اليتيم وأن لا يزيد على أجرة
المثل ، وكلما نقص عن ذلك فهو من المعروف.
بل لعل ذلك هو
المراد من النصوص سيما المرسل في كنز العرفان [٢] قال : إن رجلا قال للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إن في حجري
يتيما أفآكل من ماله؟ قال : بالمعروف لا مستأصل مالا ولا واق » أى غير مستأصل
للمال ، ولا واق بماله مالك.
نعم لو لم يكن
لفعله أجرة في العادة كوضع الدراهم والدنانير عنده ، أو كان المال قليلا غير محتاج
إلى عمل له أجرة يعتد بها عرفا لم يأخذ شيئا ، على ما أومأ إليه في بعض النصوص السابقة
، كما أنه ينبغي له التعفف لو كان غنيا غير محتاج كي يمنعه اشتغاله بمال اليتيم عن
قوته وقوت الواجبي النفقة ، فإن الآية وان اشتملت على الأمر الظاهر في الوجوب
خصوصا في أوامر الكتاب ، لكن المادة تشعر بالندب ، فيضعف الظن بإرادته منه على وجه
يعارض ما سمعته من القاعدة والصحيح وغيرهما ، سيما في الأعمال التي لا يجب عليه
مباشرتها ، كالتنمية
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٧٢ ـ من أبواب ما يكتسب به الحديث ـ ١.