إلى الخيانة
فالمتجه حينئذ عدم بطلان وصايته ، وأولى منه بذلك المجتهد الأب والجد الذين
ولايتهم من الشارع ، فلا ترتفع بذلك ونحوه ، وإن منعوا من التصرف مستقلين حتى
يتوبوا ، فإن تابوا رجعوا إلى حالهم الأول ، ولعل الوصي كذلك أيضا.
نعم لو قلنا
بانفساخ إيجاب الوصية بذلك ، كما المتجه عدم عودها ، لعدم المقتضي ، إلا أن يفهم
من الموصى ذلك ، وهو خارج عما نحن فيه فتأمل جيدا ، والله العالم.
وكيف كان فـ ( الوصي
أمين ) بلا خلاف أجده فيه ، بل في جامع المقاصد نفيه بين أهل الإسلام ولا إشكال ،
ضرورة كون استيلاء يده على ما أوصى عليه بإذن مالكية وشرعية ، فلا يكون إلا أمينا
وحينئذ فـ ( لا يضمن ما يتلف في يده إلا ما كان عن مخالفته لشرط الوصية أو تفريط )
كما هو الحال في كل أمين ، وإطلاق بعض النصوص بضمانه محمول على ذلك ، ومنه ما
استفاضت النصوص بتبديله الوصية ، كالصحيح [١] « عن رجل أوصى إلى رجل وأمر أن يعتق عنه نسمة بستمائة درهم
من ثلثه ، فانطلق الوصي وأعطى الستمائة درهم رجلا يحج بها عنه؟ فقال عليهالسلام : أرى أن يغرم
الوصي من ماله ستمائة درهم ويجعل الستمائة درهم فيما أوصى به الموصى » وربما كان
فيه إيماء إلى عدم انعزال الوصي بالخيانة ، اللهم إلا أن يكون ذلك ليس منها ، بل
هو شيء قد فعله الوصي بجهله ، بتخيل أنه أنفع للميت ، ولكن حيث كان تبديلا للوصية
لم يمض ، ووجب عليه الضمان ، وكأن المصنف أراد بمخالفة شرط الوصية ما يشمل التعدي
كما اعترف به في المسالك قال : « فإنه إذا لبس الثوب مثلا فقد خالف شرط الوصية ،
لأن مقتضاها حفظ مال الطفل ، أو بيعه وصرفه في الجهة المأمور بها ونحو ذلك ،
فاستعماله لا يدخل في شرط الوصية ، ومثل ذلك ركب الدابة وغيره ذلك ، هذا إذا لم
يتعلق به غرض يعود على ماله من الولاية ، بحيث لا يتم بدونه كما لو ركب الدابة
لقضاء حوائج الطفل واستيفاء دينه حيث يتوقف على الركوب ، أو دخل داره لإصلاح أمره
، أو لبس الثوب ليدفع عنه الدود ، ونحو ذلك » انتهى ، والظاهر أنه من التفريط ،
التكاسل في أمر الوصية والتهاون. والله العالم.
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٣٧ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.