وكيف كان فحيث
تنزل الإجازة على المظنون ولو للقرائن يدفع للموصى له نصف ما ظنوه وثلث باقي
التركة ، لنفوذ الوصية في ثلثه ، وعدم الإجازة إنما أبطل الوصية في الزائد عليه ،
بالنسبة إليه خاصة بخلاف ما ظنوه ، فإن الوصية نفذت في ثلثه ، والزائد عليه للإجازة
كما هو واضح.
هذا كله إذا أوصى
بجزء مشاع أما لو أوصى بعبد أو دار فأجازوا الوصية ثم ادعوا أنهم ظنوا أن ذلك بقدر
الثلث ، أو أزيد بيسير ، لم يلتفت إلى دعواهم لأن الإجازة هنا تضمنت معلوما لا
مجهولا كالنصف والثلث فلا تسمع دعواهم التي هي مخالفة للبناء على أصل قلة المال ،
وعدم كثرته ، فهي كأنها مخالفة للأصل ، وبذلك فرقوا بين المسألتين.
لكن مال في الدروس
إلى التسوية بينهما في القبول وجعله في محكي التحرير وجها وفي القواعد احتمالا ،
ووجهه أن الإجازة وإن وقعت على معلوم ، إلا أن كونه بمقدار الثلث أو ما قاربه مما
يتسامح فيه ، إنما يعلم بعد العلم بمقدار التركة ، والأصل عدم علمهم بمقدارها ،
وبناؤهم على الظن فكما احتمل ظنهم قلة النصف في نفسه يحتمل ظنهم قلة المعين
بالإضافة إلى المجموع ، وإن لم يكن قليلا في نفسه ، ومخالفة الأصل هنا ، بظنهم
كثرة المال مع أن الأصل عدمه ، لا يؤثر في دفع الظن عنه ، واعتقاد كثرته ، بل يمكن
عدم ظهور خلاف ما اعتقدوه من الكثرة ، ولكن ظهر عليه دين قدم على الوصية ، فقل
المال الفاضل عنهما ، وهذا موافق للأصل كالأول ، وأيضا عمدة المقتضى للقبول في
الأول ، إمكان صدقهم في الدعوى ، وتعذر إقامة البينة بما يعتقدونه ، وهو متحقق هنا
، لأن الأصل عدم العلم بمقدار التركة ، وذلك يقتضي جهالة القدر المعين من التركة
كالمشاع ، ومن ذلك قال في المسالك « لعل القبول أوجه » لكنك خبير بعد الإحاطة بما
ذكرناه في السابقة أن عدم القبول هنا أوجه وأولى ، بل لو سلم لهم ظن ذلك لم تتقيد
به الإجازة ، وهو واضح ، والله العالم.
وإذا أوصى بثلث
ماله مشاعا كان للموصى له من كل شيء ثلثه على حسب ما أوصى به الموصى ، فيكون
شريكا للوارث بالمقدار المعلوم وإن أوصى بشيء معين وكان بقدر الثلث فقد ملكه
الموصى له بالموت والقبول لما عرفته سابقا من أن له حصر ثلثه في عين