بل صرح غير واحد
بمساواة الواجب البدني له في ذلك أيضا بمعنى أنه لو أوصى بالواجب البدني وغيره من
الثلث أخرج أولا الواجب ، وإن متأخرا ثم غيره الأول فالأول إن كان ، بل ربما ظهر
من بعضهم نفى الخلاف فيه فضلا عن الأول ، لكن في جامع المقاصد أنه لا فرق بينه
وبين سائر الوصايا التي ليست بواجبة في أنه يبدأ بالأول فالأول ، إن كان قد أوصى
بها مرتبة إلى آخره.
قلت : يمكن أن
يكون دليلهم على ذلك مضافا إلى أهمية الواجب من غيره صحيح معاوية ابن عمار [١] قال : « إن امرأة
من أهلي ماتت وأوصت إلى بثلث مالها ، وأمرت أن يعتق عنها ويتصدق ويحج عنها فنظرت
فيه فلم يبلغ فقال : ابدأ بالحج فإنه فريضة من فرائض الله سبحانه وتجعل ما بقي
طائفة في العتق وطائفة في الصدقة » فإنه وإن كان مورده الحج ، إلا أن التعليل فيه
قاض بتقديم البدني وحينئذ يكون الصحيح المزبور دليلا على القسمين.
والانصاف أنه إن
تم الإجماع عليه كان هو الحجة ، وإلا أشكل بما سمعته فيما يأتي من الاستدلال على
ما تطابق عليه النص والفتوى من تقديم الأول فالأول ، بما يقتضي عدم الفرق في ذلك
بين الواجب وغيره فيبطل المتأخر لعدم متعلق له ، فإن كان واجبا ماليا خرج من أصل
المال ، وإن كان بدنيا بطل ، بناء على عدم خروجه إلا من الثلث إذا كان قد أوصى
بإخراجه منه ، واحتمال أن ذلك حكم شرعي وإن كان قصد الموصى على خلافه للصحيح على
خلافه المزبور المحتمل لكون الوصايا غير مرتبة ، وإن المراد منه الترجيح بذلك ، بل
لعل ظاهر التقسيط فيه الذي هو حكم غير المرتب يقتضي عدم الترتيب فيه في غاية
الصعوبة ، ضرورة اقتضائه عدم قاعدة « تبعية الاعمال للنيات » و « العقود للقصود »
وغيرها من القواعد المحكمة في سائر المقامات.
وعلى كل حال يخرج
غير الواجب من الثلث ويبدأ بالأول فالأول وكذا لو كان الكل غير واجب ، بدأ بالأول
فالأول حتى يستوفى الثلث وتبطل
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٦٥ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.