لصحيح أبي ولاد [١] المروي في الكتب
الثلاثة عن الصادق عليهالسلام من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها ، قلت : أرأيت
إن كان أوصى بوصية ثم قتل نفسه من ساعته تنفذ وصيته فقال : إن كان أوصى قبل أن يحدث
حدثا في نفسه من جراحة أو فعل لعله يموت أجيزت وصيته في الثلث ، وإن كان أوصى
بوصية بعد ما أحدث في نفسه من جراحة أو فعل لعله يموت لم تجز وصيته ».
فما عن ابن إدريس
من صحة وصيته واضح الضعف على أصولنا ، وإن نفى عنه البأس في محكي المختلف واستحسنه
في محكي الروضة وإيضاح النافع ، وكذا المسالك إلا أنه كما ترى اجتهاد في مقابلة
النص ، المعمول به الجامع لشرائط الحجية والعمل بل وكذا ما في القواعد ، ولو قيل
بالقبول مع تيقن رشده بعد الجرح كان وجهان وأغرب من ذلك قوله فيها أيضا : وتحمل
الرواية على عدم استقرار الحياة على اشكال ، إذ هو كما ترى.
نعم لو أوصى ، ثم
قتل نفسه قبلت وصيته على حسب وصية غيره ، بل لا اشكال كما لا خلاف أجده فيه ،
للصحيح السابق مضافا إلى الأصول والعمومات ، ولا يقاس الأول عليه ، لحرمته عندنا ،
مع إمكان إبداء الفرق بأن الأول بفعله ذلك بنفسه كان كمن زال عقله ، لا تقبل وصيته
المتأخرة بخلاف الثاني الذي هو كن زال عقله بعد ايصائه ، بل ربما جعل وجه النص ذلك
، أو أن عدم القبول في الأول لكونه غير مستقر الحياة ، أو لأن الثلث بالنسبة إليه
كالإرث بالنسبة إلى غيره ممن يحرم من الإرث بقتله الموروث عمدا ، فكذلك هذا ، يحرم
من الثلث عقوبة ، والجميع علل بعد السماع ، وإن كان خيرها آخرها.
نعم ينبغي
الاقتصار فيما خلاف الأصل على المتقين ، وهو الوصية في الثلث ، أما غيره الذي لم
يستلزم وصيته في الثلث كمكان الدفن والولاية على الأطفال ونحو ذلك فلا ، ومن فعل
ذلك عمدا ـ دون الخطأ ـ ورجاء لأن يموت دون غيره ، من غير فرق في ذلك بين الجرح
وغيره ، للصحيح المزبور ، فيندرج فيه من يقتل نفسه بالسم مثلا.
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٥٢ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.