لعدم الفارق بينها
وبين غيرها من العقود في ذلك ، والقياس على ما خرج بالدليل من الفرق بينها وبين
غيرها ممنوع عندنا.
اللهم إلا أن يدعي
جواز ذلك من العقود الجائزة ، وإن قدر على العربية كما صرح به هنا في الدروس.
ولكن فيه أن دليل
العربية مشترك بين العقود جميعها ، إذ هو انسياق العربي فيما اعتبر فيه اللفظ ،
فتأمل جيدا ، فإنه قد يقال : إن الوصية في عهد الميت بعد وفاته ، بل لعله العقدية
المستفادة من قوله تعالى ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ
إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ
لِلْوالِدَيْنِ ) إلى آخر الآية باعتبار ظهوره في التمليك الناشئ ، من
الوصية قسم من العهدية ، كما عساه يشعر به ذكرهم في إيجابها أعطوا وافعلوا ونحوهما
، وقد عرفت عدم الإشكال في جواز الفارسية ونحوها في العهدية فتأمل جيدا.
ثانيهما : أنه قد
يظهر من اعتبار العجز عن النطق في كفاية الإشارة الدالة على المراد في كلام جماعة
من الأصحاب ، بل هو معقد نفي الخلاف في محكي التنقيح بل لا كلام فيه كما عن إيضاح
النافع ، بل في الروضة القطع به ، بل في الرياض الإجماع عليه ، بل لعله محصل أنه
لا تجزى الإشارة مع التمكن من النطق ، وهو مناف لما ذكرناه من كفاية الفعل في
إجراء حكم الوصية ، وإن لم يتحقق بذلك عقدها ، وأنه كالمعاطاة في البيع.
لكن يمكن أن يكون
ذلك منهم لإرادة ما ادعوه من الإجماع ونفي الخلاف ونحو ذلك ، لا لإرادة اشتراط
القاضي بعدم الجواز مع انتفاع ذلك ، أو لإرادة اشتراط القاضي بعدم الجواز مع
انتفاع ذلك ، أو لإرادة تحقق العقد حينئذ وأنه ليس من المعاطاة في حال العجز ، بل
تقوم الإشارة حينئذ مقام اللفظ من القادر ، لما دل عليه في الأخرس أو لغير ذلك ، وإلا
فلا دليل لهم يدل على ذلك ، بل لعل الأدلة بخلافه ، بعد صدق اسم الوصية عليه عرفا
، فتجري جميع أحكامها.