ولو وهبه غير الأب
والجد لم يكن له بد من القبض عنه سواء كان له ولاية أو لم تكن ، ويستولي ذلك الولي
أو الحاكم بلا خلاف ولا إشكال في ذلك ، إذا كان الواهب غير الولي ، ضرورة كونه
حينئذ أجنبيا ، فلا يكون قبضه حينئذ عن الطفل قبضا إنما الكلام في قول المصنف (
سواء ) إلى آخره فإن مقتضاه كون الوصي أجنبيا أيضا ، فلا يقوم قبضه عنه ، من غير
فرق بين كونه هو الواهب أو غيره ، كما عن المبسوط التصريح بذلك ولم نعرفه لغير هما
صريحا ، محتجا بأنه لا يصح له أن يبيع له شيئا من نفسه ، ولا أن يشترى منه كذلك
فينصب الحاكم أمينا يقبل منه هبة الصبي ويقبضها له.
وفيه : أن ولاية
الوصي عامة كالأب والجد بالنسبة إلى ذلك ، بل ولايته في الحقيقة من ولايتهما ، بل
لعل التعليل المزبور في الخبر المتقدم سابقا يقتضي ذلك بل قد يشكل ولاية الحاكم
الذي هو ولى له في الفرض المزبور الذي وصى أحد الأبوين فيه موجود ، ودعوى ولايته
في خصوص هذا التصرف كما ترى ، بل التزام عدم جواز هذا التصرف حينئذ أولى.
وأولى منه ما
اخترناه من عموم ولايته ، بل هي ولاية الأبوين في الحقيقة ، كما أن عموم ولاية
الحاكم التي هي من ولاية اولى الحقيقي أولى ، فمن الغريب موافقة المصنف هنا لما
سمعته عن الشيخ الممنوع أصلا وتفريعا ، ولو حمل كلام المصنف على أن ذلك منه بناء
على التردد في مسألة اتحاد الموجب والقابل بالنسبة إلى غير الأب والجد كما سمعته
منه في الوقف ـ ففيه أن الذي استظهره بعد التردد هناك الاكتفاء بقبض الوصي ، فكان
المناسب هنا ذكر الحكم كذلك هذا.
وفي المسالك « قول
المصنف : ويتولى » إلى آخره يمكن فرضهما مع كون الواهب غير ولي ، وأما إذا كان
وليا كالوصي فلا يفرض فيه إلا تولى الحاكم ، لأن الوصي لا يتحقق مع وجود الأب
والجد له كما سيأتي ، فلم يبق إلا الحاكم ، وفي معنى الحاكم منصوبه لذلك مطلقا.
قلت : وأما لو كان
الواهب الحاكم ، والفرض عدم ولي غيره ، فلا بد من التزام قبض حاكم آخر عنه ، وقد
عرفت التحقيق الخالي عن مثل هذه الالتزامات والله العالم.