بلفظ الهبة ومن
المعلوم خروج ذلك عما نحن فيه ، إذ هو بحث آخر ، مبنى على عدم اشتراط لفظ مخصوص في
الإبراء بل يكفى كل ما دل عليه من حقيقة أو مجاز ، وبعضها ظاهر في أنه من الهبة ،
ولكن هذا القسم من الهبة لا يحتاج إلى القبول ، لأنها كالإبراء وهو لا يحتاج إليه.
وفيه أن ظاهر النص
والفتوى كون الهبة قسما واحدا ، وأنها من قسم العقود وثالث جعلها من قسم الإبراء ،
وبنى مسألة القبول على احتياج الإبراء إليه وعدمه ، وقد عرفت تحقيق الحال في ذلك.
ولا حكم للهبة من
ملك وغيره ما لم يقبض الموهوب على ما هو المعروف من مذهب الأصحاب كما في جامع
المقاصد ، وعليه المتأخرون إلا الفاضل في المختلف والشهيد في الدروس ، والأكثرون
من علمائنا في محكي السرائر ، والمشهور في محكي إيضاح النافع ، بل عن التذكرة بعد
ان حكى القول بان القبض شرط في اللزوم ، لا الصحة عن ظاهر الشيخين.
وجماعة قال : « لا
يحصل الملك بدونه عند علمائنا أجمع » والإيضاح : عليه إجماع الإمامية ، ونص الأئمة
، ونهج الحق : ذهبت إليه الإمامية ، بل لعله مقتضى التدبير في المحكي عن الخلاف ،
وإن قال فيه لا تلزم إلا بالقبض مستدلا عليه بإجماع الفرقة وأخبارهم ، إلا أن
الظاهر إرادة الصحة من اللزوم فيه.
بل في الدروس لعل
الأصحاب أرادوا باللزوم الصحة فإن في كلامهم اشعارا به ، فإن الشيخ قال : لا يحصل
الملك إلا بالقبض وليس كاشفا عن حصوله بالعقد مع أنه قائل بأن الواهب لو مات لم
تبطل الهبة فيرتفع الخلاف ، ونظر فيه المسالك بأن العلامة في المختلف نقل القولين
، واحتج لهما ثم اختار الثاني ، فكيف يحمل على الآخر.
نعم كلام الشيخ
الذي نقله متناقض ، وليس حجة على الباقين ، فإن الخلاف متحقق ، ثم قال : وفي
التذكرة اتفق ما هو أعجب مما في الدروس فإنه قال : الهبة والهدية والصدقة لا
يملكها المتهب والمهدي إليه والمتصدق عليه بنفس الإيجاب والقبول إذا كان عينا إلا
بالقبض ، وبدونه لا يحصل الملك عند علمائنا أجمع ، وهذا ظاهر في دعوى الإجماع على
أن القبض شرط