يقال : إن ذلك لا
ينافي كون السكنى حقا له على وجه الصلح عنه للمالك ، وحينئذ يتجه انتقاله إلى
الوارث ، وإن لم نجوز له سكناه ، ولكن يكون الحق له على وجه له الصلح عنه من
المالك. فيكون إسقاطا ، إذ لا تلازم بين تعذر السكنى بموت أو حبس مثلا وبقاء الحق
المزبور ، وبهذا يجمع بين كلامهم هنا وكلامهم الآتي ، أو يحمل هذا على ما إذا كانت
العمرى على وجه تنتقل إلى الوارث باعتبار التصريح فيها على أنها له يفعل فيها ما
شاء ، وكلامهم الآتي إنما هو في الإطلاق المنزل على إرادة الخصوصية الذي يقوى فيه
ما سمعته من المصنف فلا حظ وتأمل جيدا.
ولو قرنها بموت
المعر بالفتح ثم مات المالك قبله ، لم يكن لورثته إزعاجه ، لقاعدة اللزوم وغيرها
مما عرفته سابقا ، بلا خلاف معتد به أجده فيه ، سوى ما يحكى عن أبي علي من التفصيل
بأنه إن كانت قيمة الدار يحيط بها ثلث الميت لم يكن لهم إخراجه ، وإن كان ينقص
عنها كان ذلك لهم ، وهو مع شذوذه مخالف للقواعد والضوابط ، فضلا عن الأدلة
السابقة.
ولم نعثر له على
شاهد سوى خبر خالد بن نافع البجلي [١] عن أبي عبد الله عليهالسلام « سألته عن رجل جعل لرجل سكنى دار له مدة حياته ، يعنى
صاحب الدار ، فمات الذي جعل السكنى ، وبقي الذي جعل له السكنى ، أرأيت إن أراد
الورثة أن يخرجوه ألهم ذلك؟ فقال : أرى أن يقوم الدار بقيمة عادلة ، وينظر إلى ثلث
الميت ، فإن كان في ثلثه ما يحيط بثمن الدار ، فليس للورثة أن يخرجوه ، وإن كان
الثلث لا يفي بثمن الدار فلهم أن يخرجوه ، قيل له : أرأيت إن مات الرجل الذي جعل
له السكنى بعد موت صاحب الدار تكون السكنى لورثة الذي جعلت له السكنى؟ قال : لا ».
وهو مع ضعف سنده
واضطراب متنه حتى قال الشيخ : ما تضمنه الخبر المزبور من قوله « يعنى صاحب الدار »
غلط من الراوي ووهم منه في التأويل ، لأن الاحكام التي ذكرها
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٨ ـ من أبواب أحكام السكنى الحديث ـ ١ ـ ٢.