حيث فسروا الصدقة
هنا بالإبراء ، يقتضي عدم اشتراط القبول ، ولا نية القربة ».
إذ هو كما ترى لا
يقتضي إلا عدم اعتبار القبول في هذا القسم خاصة وأما اعتبار القربة فهو من
مقوماتها دونه ، فليس كل إبراء صدقة ، ولا كل صدقة إبراء ، وكذلك الهبة والوقف ،
بل بينها وبين هذه العموم من وجه ، لما عرفت من صدق الصدقة على ما لا يندرج في شيء
منه ، فليست هي إلا لمعنى متحد شامل للجميع ، وهذه افراده ، وكل فرد منها داخل تحت
اسم آخر يلحقه حكمه ، وإن سمى باعتبار قصد القربة فيه أنه صدقة ، إلا أن ذلك كله
مناف لظاهر جعلها عقدا مستقلا عن الهبة ، الظاهر في مباينتها لها ، وأن التميز
بينها وبين الهبة بالقصد وإن اتحد موردها ، وحينئذ لا تجتمع الصدقة العقدية مع
غيرها من العقود أصلا ، والهبة قربة إلى الله تعالى مع عدم القصد بأنها صدقة تكون
هبة لا صدقة ، وبالعكس صدقة لا هبة.
وبذلك يظهر النظر
في جملة من الكلمات السابقة ، ولعله الى ذلك يرجع ما في المسالك وإن كان هو لا
يخلو من نظر من وجه آخر ، قال : قد يلوح من بعض كلامهم عدم الاتفاق على اشتراط
القربة ، حيث استدلوا على أن الإبراء لا يحتاج إلى القبول بقوله تعالى [١]( وَأَنْ
تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ ) وفسروا الصدقة هنا بالإبراء ، مع أنه غير مفتقر إلى القربة
، ويلزم منه عدم افتقارها إلى القبول أيضا كذلك ، إلا أن يقال : إنها تطلق على
معنيين : خاص وعام ، وأن الإبراء صدقة بالمعنى العام ، وكلامهم هنا في المعنى
الخاص وقد تقدم في الوقف أنه صدقة ، والاخبار مشحونة به ، مع أن الأصح عدم اعتبار
نية القربة فيه ، وهذه فوائد اعتبار معنى العام ».
وكيف كان فتفتقر
صحتها مع الإيجاب والقبول إلى اقباض أي القبض بإذن ، بلا خلاف أجده فيه ، كما
اعترف به واحد ، بل قيل : إنه قد يلوح الإجماع على ذلك ، أو يظهر مع المبسوط
الراوندي بل عن التذكرة ، الإجماع عليه في موضعين وهو الحجة بعد النصوص المذكورة
في الوقف ، كحسنة عبيد بن زرارة [٢] عن الصادق عليهالسلام « في رجل يتصدق على ولد قد أدركوا فقال : إذا لم يقبضوا
حتى يموت