وعدمه ، انما هو
إذا كان اللزوم من جهة العقدية ، لا ما إذا كان من جهة هي متحققة في العقد
ومعاطاته ، بل لو لا الجهة المخصوصة لكان عقدها جائزا ضرورة كونه حينئذ هبة ، وهي
من العقود الجائزة.
ومن ذلك يعلم أنه
لا وجه لاعتبار ما يعتبر في العقود اللازمة من اللفظ المخصوص ونحوه ، ضرورة كون
لزومها من جهة القربة لا من جهة العقدية ، فيه حينئذ كالهبة المعوضة.
نعم يبقى شيء وهو
احتمال دعوى أعمية الصدقة من العقد ، ضرورة صدقها على الإبراء المتقرب به ، والوقف
كذلك ، بل وعلى بذل الطعام والماء ونحوهما للفقراء والمساكين مثلا ، وإن لم يكن
على جهة معنى العقدية الذي هو قصد الارتباط بالإيجاب والقبول ، ولقد كان علي ابن الحسين عليهالسلام[١] « يتصدق على
الفقير في السر على وجه لا يحصل فيه معنى العقدية ، » بل لا يبعد كونها دفع المال
مجانا قربة إلى الله تعالى شأنه ، فإن كان مورده الإبراء ، كان صدقة وإبراء ، وإن
كان مورده الهبة ، كان هبة وصدقة ، وإن كان مورده الوقف ، كان وقفا وصدقة ، وإن
كان غير ذلك كان صدقة ، ومنه الزكاة والكفارة ونحوهما.
فالإبراء حينئذ
منه ما هو صدقة ، ومنه ما هو ليس كذلك ، وكذلك الهبة والوقف ، وحينئذ فيجري على كل
منها أحكام ذلك إلا الرجوع بها حيث تقوم مقام الهبة للعلة التي سمعتها ، وليست هي
عقدا مستقلا تقوم مقام المذكورات على نحو الصلح ، كما عساه يظهر من أفرادها بكتاب
عن الهبة وإطلاقهم كونها عقدا ، لكنه ليس في محله عند التأمل ، وإلا لاحتاجت إلى
القبول في قيامها مقام الإبراء ، ومن المعلوم خلافه بل لم يجرحكم الإبراء حينئذ
على ما كان صدقة منه وكذا الوقف والهبة ، وبذلك يظهر أن ذلك ليس ممنوعا لها عنها ،
كما أومئ إليه الفاضل وغيره فيما سمعته من الحنث بالصدقة لو حلف أن لا يهب ولا
يهدى.
وبذلك يظهر لك
النظر فيما ذكرها في جامع المقاصد حيث قال : « إن ما ذكروه في الاحتجاج على أن
الإبراء لا يحتاج إلى القبول ، وهو قوله تعالى [٢]( وَأَنْ تَصَدَّقُوا
خَيْرٌ لَكُمْ )
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٣ ـ من أبواب الصدقة الحديث ـ ٨.