قولين ، بل عن
الوسيلة أنه جعل التسليم شرطا في الصحة ، إلا إذا جعل ولاية الوقف لنفسه مدة
حياته.
وعن كافي أبي
الصلاح « إذا تصدق على أحد الوجوه المذكورة ، وأشهد على نفسه بذلك ، ومات قبل
التسليم ، فان كانت الصدقة على مسجد أو مصلحة فهي ماضية ، وإن كانت على من يصح
قبضه ، أو وليه ، فهي وصية يحكم فيها بأحكام الوصايا » وعن سلار في المراسم عدم
ذكره من الشروط أصلا ، وبذلك كله يظهر لك ما في المسالك والرياض وغيرهما من
المفروغية عن اشتراطه فيها حتى فيما حكوه عن التنقيح من الإجماع على ذلك ، مع أن
التأمل في كلامه يقتضي إرادة دعواه على اعتباره في الجملة لأنه بعد ذلك بلا فاصلة
معتد بها حكى الخلاف فيه ، بل قد يقال : باقتضاء القواعد كونه شرطا فيه لا فيها ،
جمعا بين ما يدل عليها بدونه من الإطلاقات ، وآية ( أَوْفُوا ) وغيرها وبين
الخبرين السابقين.
وأما النصوص
المتضمنة لبطلان الصدقة بالموت قبل القبض ، فمع أن الاستدلال مبني على ارادة الوقف
منها أو ما يشمله ، لا تدل على اشتراطه في الصحة ، وإن ذكره غير واحد ، إذ من
الممكن ما سمعت من كونه عقدا جائزا ينفسخ بالموت ومثله ولو لهذه النصوص ، والخروج
عن ذلك في الصدقة غير الوقف لدليل لا يقتضي الخروج عنه في الوقف أيضا ، ومع
الإغضاء عن ذلك كله فالمتجه كونه شرطا كاشفا لا جزء سبب ، كما حرره في المسالك ،
وتبعه غيره ، لما عرفت من وجود مقتضى الصحة فلا وجه حينئذ لجعل الثمرة في النماء
المتخلل ، فتأمل جيدا ، والله العالم.
وكيف كان فلا خلاف
ولا إشكال في أنه إذا تم الوقف بجميع شرائطه المعتبرة فيه كان لازما ، لا يجوز
الرجوع فيه ، إذا وقع في زمان الصحة بل الإجماع بقسميه عليه عندنا ، بل هو
كالضروري من مذهبنا ، خلافا لأبي حنيفة ، فجوز للواقف الرجوع به بل لورثته ، إلا
أن يرضوا به بعد موته ، فيلزم ، أو يحكم به حاكم ، مع أن تلميذه أبا يوسف لما قدم
إلى بغداد كان على قوله ، ولكن حدثه إسماعيل بن إبراهيم بن علية عن ابن عوف عن ابن
عمر خلافه ، فقال هذا لا يسع احد خلافه ، ولو تناهى الى أبي حنيفة لقال