ومنها أن الحب
الثابت في الأرض في العام الأخر الذي هو غير عام المزارعة إن كان لأحدهما كان
النماء له ، وعليه أجرة الأرض إن كان لغير مالكها ، وإن كان من مال المزارعة كان
بينهما على حسب النسبة ، ويخصه من الأجرة مقدار نصيبه ، لكن مع فرض كون الحب من
الذي هو معرض عنه على وجه يجوز للملتقط التقاطه فهل هو كذلك لأنه لا يزول عن الملك
بالاعراض ، بل به مع الاستيلاء ، والفرض عدمه إلى أن صار زرعا ، والفرض عدم
الاعراض عنه في هذا الحال ، أو أنه يكون لصاحب الأرض ، لأنه من توابعها ونمائها ،
بل لعل كونه فيها نوع استيلاء من المالك عليه وجهان ، إلا أنه جزم في التذكرة بأنه
بينهما على كل حال ، خلافا لبعض العامة.
ومنها : أن ما جاء
في النصوص هنا من قبالة الأرض بشيء معلوم ، سنين معلومة ، وعليه خراجها وعمارتها
أو قبالتها بخراجها وعمارتها ، أو بغير ذلك مما تضمنته اخبار المقام هل هو عقد
برأسه ، وإن أفاد فائدة المزارعة والإجارة والصلح في بعض الموارد ، أو أن المراد
من لفظ التقبيل هنا ما ينطبق على ذلك المورد من العقود المعهودة ولو الصلح وجهان ،
أو قولان ، أقواهما الثاني كما أوضحناه في مسألة الخرص في بيع الثمار ، لعدم إفراد
الأصحاب بابا للقبالة على وجه يعرف به كونها من العقود المتعارفة في ذلك الزمان ،
ولم يتعرضوا لألفاظ هذا العقد ، ولا لشرائطه ولا لأحكامه ولا لموارده ، وذلك كله
قرينة على أنهم فهموا من لفظ التقبيل ما ذكرناه ، فالتعبير به حينئذ كالتعبير
بالأخذ والتناول ونحوهما مما يعلم عدم إرادة كونه عقد برأسه ، ودعوى عدم صلاحية
جميع العقود لبعض مواردها ، فيدل على أنها عقد برأسه قد أوضحنا فسادها في مسألة
الخرص من بيع الثمار ، فلاحظ وتأمل.
ومنها : أنه حيث
يستحق المالك قلع الزرع فهل يضمن الزكاة لمستحقها لو فرض بلوغه حد تعلقها إذا قلعه؟
وجهان بل قولان ، لأن ظاهر المحكي عن ابن الجنيد الأول ، وظاهر الفاضل في المختلف
الثاني ، والله العالم هذا كله في المزارعة.