في العقود اللازمة
بالنصوص التي غايتها نفي البأس عنها ، لا الحكم بلزومها ، ولكن هذا يتم لو دلت
النصوص على نفي البأس عنها وإن ذكرت في العقد اللازم ، وإلا فالتمسك بها لذلك محل
إشكال ، إذ المناط في نفي البأس حيث يذكر في غير العقود اللازمة هو حصول المراضاة
، والغرر والجهالة لعلهما مغتفران معها فيما عداها ، لجواز الرجوع بعد ظهور الغرر
دونها ، لعدم جوازه فيها للزومها ، ولعله لذا نهى عنها ، ونصوص المسألة لعلها من
هذا القبيل. إذ لم يذكر فيها وقوع اشتراط ذلك في عقد لازم ، فكيف يستدل بها على
الجواز ولو ذكر فيه ، إلا أن يتمسك بإطلاق نفي البأس الشامل لصورتي وقوع الشرط في
ضمن العقد اللازم وغيره ، إلا أن في الخروج بمثله عن عموم ما دل على النهي عن
الغرر والجهالة إشكالا.
قلت : لعل الوجه
في إطلاق النص والفتوى صحة هذا الشرط أنه من اشتراط كون حق الخراج عليه ، نحو
اشتراط حق الزكاة على مشتري الثمرة مع عدم العلم بمقدارها فلا يقدح جهالة ما يؤديه
عن ذلك ، إذ ليس هو اشتراط قدر ، بل هو اشتراط حق ، وربما لا يؤدى عنه شيئا ،
ومرجعه إلى صيرورة الزارع كالمالك في تعلق هذا الحق به ، الذي لا إشكال في صحة
اشتراطه عليه ، ولو مؤكدا ومثل ذلك ليس من الجهالة في شيء كما هو واضح.
ولعله لذا أطلق
المصنف وغيره صحة الشرط المزبور مع معلومية كون الخراج قد يزيد وينقص ، كما سمعت
التصريح به في النص ، واعتبار المعلومية إنما وقع في كلام بعض المتأخرين ، وأنكره
عليه بعض من تأخر عنه ، فمن الغريب ما سمعته من فاضل الرياض من التردد في ذلك.
ثم إن المراد
بالمؤنة على ما استظهره في المسالك ما يتوقف عليه الزرع ، ولا يتعلق بنفس عمله
وتنميته كإصلاح النهر والحائط ونصب الأبواب إن احتيج إليها ، وإقامة الدولاب وما
لا يتكرر كل سنة ، كما فصلوه في المساقاة ، والمراد بالعمل الذي على الزارع ما فيه
صلاح الزرع وبقاؤه مما يتكرر كل سنة كالحرث والسقي وآلاتهما وتنقية النهر من
الحمأة وحفظ الزرع وحصاده ونحو ذلك ، ثم قال : « فكلامهم في