نعم قد يقال
بالصحة على الأرض التي هي حال العقد قابلة لذلك ، إلا أنه لم يعلم المتعاقدان بها
فانكشف حالها بعد ذلك ، لكن لا يخفى عليك أن مقتضى ما سمعته من الدليل مانعية عدم
قابليتها للانتفاع بذلك للصحة ، لا اعتبار الإمكان ، وتظهر الثمرة في المزارعة على
الأرض التي لها ماء نادرا ، وإن تردد في ذلك في التذكرة من عدم التمكن من إيقاع ما
وقع عليه العقد غالبا ، ومن إمكان الوقوع ولو نادرا ، إلا أن المتجه الصحة ، بناء
على ما ذكرنا للعمومات ، ولعل هذا الشرط هنا كشرط القدرة على التسليم في البيع
الذي قد أطنبنا فيه في محله ، وكثير من مباحثه تأتي هنا بأدنى التفاوت فلاحظ وتأمل
هذا.
ولكن في الإرشاد «
ولو زارع على ما لا ماء له بطل إلا مع علمه » ومقتضاه الصحة مع العلم إلا أن
الظاهر إرادته عدم الماء فعلا ، وإن كان يمكن بحفر بئر مثلا لا أن المراد الصحة
على ما لا يمكن الانتفاع بها للزرع الذي من الواضح عدم صحة المزارعة عليها ، بل لا
يطابق ما اعترف به هو وغيره من الشرط الثالث ، إلا أن المتجه حينئذ على هذا
التنزيل الخيار مع الجهل ، كما تسمعه منه في القواعد ومن المصنف فيما يأتي ، لا
البطلان ، كأنه لم يفهم منه ذلك في الرياض ، حيث أنه بعد أن ذكر الشرط المزبور قال
: « لا خلاف في اشتراطه في الجملة وإن اختلفوا في متعلق الشرط هل هو الصحة مطلقا
كما هو ظاهر العبارة. فيبطل العقد مع عدمه مطلقا ، ولو مع العلم بفقده ابتداء ، أو
عدمه بعد وجوده ، أو في صورة الجهل بعدمه حين العقد خاصة كما هو ظاهر الفاضل في
الإرشاد حيث حكم بالبطلان بعدمه إلا مع العلم به ، أو اللزوم في صورة الجهل خاصة ،
فللعامل الخيار فيها بعد العلم ، وأما صورة العلم ابتداء بعدمه حين العقد فليس
بشرط أصلا بل يلزم فيها كما هو صريح القواعد ، ووجهه كالسابق غير واضح بعد ما
قررناه ، سيما هذا وحمل على محامل ـ مع بعدها ـ لا تنطبق على شيء مما قدمناه من
الأدلة.
قلت : سمعت عبارة
الإرشاد ، وما يمكن تنزيله عليه ، وكذا عبارة القواعد