على قبول ذلك من
طرف القابل ، وأما معاطاتها فبغير ذلك ، إلا في صورة فعلية القبول ولفظية الإيجاب
، فقد عرفت احتمال كونها من العقد أيضا ، وتقدم في الوديعة ما يزيدك تحقيقا في
المقام.
وكيف كان فهذا
العقد ليس بلازم لأحد المتعاقدين بلا خلاف معتد به أجده ، بل لعل الإجماع بقسميه
عليه ، من غير فرق بين الموقت وغيره ، خلافا للمحكي عن ابن الجنيد من الحكم
باللزوم من طرف المعير في إعارة الأرض القراح مدة للغرس أو البناء ، ولا ريب في
ضعفه.
نعم قد استثنى من
ذلك مواضع ، منها : العارية للرهن التي قد تقدم بعض الكلام فيها آنفا وفي كتاب
الرهن ، ومنها : عارية الأرض لدفن الميت المسلم ومن في حكمه التي سيذكرها المصنف ،
ومنها : ما يترتب على الرجوع بها ضرر لا يستدرك كعارية اللوح للسفينة في لجة البحر
المستلزم رجوعه للغرق للأنفس والأموال ، ومنها : عارية الحائط لوضع طرف الخشبة
عليه المثبت طرفها الآخر في ملك المستعير مثلا ، ومنها عارية الأرض للزرع ، ومنها
: عاريتها للبناء والغرس مدة معلومة.
إلا أن الجميع كما
ترى ، ضرورة عدم اقتضاء امتناع فسخ الارتهان الواقع باذن المالك ، وحرمة النبش
والإضرار بالغير برجوع العين لزوم العقد ، ضرورة إمكان بقاء العقد على الجواز ،
وتحقق الانفساخ وان منع مانع خارجي من رد العين إلى مالكها ، كما لو فرض في بعض
أمثلة الإجارة التي فسخت بتقايل أو خيار أو نحو ذلك فإنه لا إشكال في تحقق الفسخ
حينئذ ، وان منع من رد العين مانع آخر وربما ترتب له الإجارة في بعض الافراد ،
وبالجملة إن دعوى لزوم عقد العارية في الأمثلة المزبورة ـ على وجه تكون به كغيره من
العقود اللازمة لهذه التعليلات المذكورة في كلامهم من عدم فسخ عقد الرهن وحرمة
النبش والإضرار ونحو ذلك مما لا مدخلية له ، بعد التسليم في البعض ، إلا في عدم رد
العين ـ واضحة الفساد ، ولعله لذا أطلق المصنف وغيره جواز هذا العقد من غير
استثناء لهذه الافراد حتى من معقد الإجماع مع ذكر المصنف حكم هذه الافراد فيما
يأتي ، لكن لا بعنوان دعوى لزوم عقد العارية فيها فلاحظ