ومن الغريب بعد
ذلك كله ما في الرياض حيث أنه بعد أن حكى عن الكفاية ترجيح ذلك استنادا إلى قوله
تعالى [١]( إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ ) قال : « وهو كما
ترى ، إذ ليس المستفاد منه إلا الجواز مع الرضا ، وهو لا يستلزم اللزوم مع فقده
ولو بعدها ، كما هو المدعى ، مع أنه مخصص بما مضى ، مضافا إلى ما دل [٢] على النهي عن
التجارة المتضمنة للغرر ، والجهالة ، ومنها مفروض المسألة كما مر إليه الإشارة ،
وبه صرح في الغنية ، فقال ، بعد الاستناد إلى الإجماع : ولعله لا يسلم إلا ما قد
عينه ، فيبقي رب الأرض والنخل بلا شيء وقد يعطب إلا غلة ما عينه ، فيبقى العامل
بلا شيء.
إذ لا يخفى عليك
ما فيه من عدم انحصار الدليل في الآية التي يكفي في المطلوب دلالتها على الجواز
والمشروعية ، واللزوم يستفاد حينئذ من آية [٣]( أَوْفُوا ) وغيرها وليس فيما
مضى ما يصلح مخصصا ، إذ ليس إلا دعوى شرعيتها على خلاف ذلك ، وقد عرفت منعها على
مدعيها ، وأن الإطلاقات والعمومات تكفي في إثبات شرعيتها على الوجه المزبور ، ولا
نهي عن مطلق الغرر على وجه يشمل هذه المعاملة التي هي مبنية عليه.
وما في الغنية
ظاهر في استثناء قطعة من الأرض يختص بها العامل أو رب الأرض ، وهو غير ما نحن فيه
من اشتراط مقدار معين كلي من الحاصل ، لأحدهما الذي قد عرفت عدم منافاته للإشاعة ،
حتى لو كان لأحدهما ، بناء على أنه كاستثناء الأرطال المعلومة في بيع الثمار ، مع
أنه قد يمنع عدم جواز ذلك أيضا ، إذا كان بطريق الشرط خارجا عن أرض المزارعة ،
لعموم الأدلة وإطلاقها ، ولعل منه ما في أيدي الناس الان من اشتراط الشكارة
المختصة بالسر كار أو الفلاح أو غيرهما ، ومن ذلك كله يظهر الوجه فيما ذكره المصنف
بقوله.