إنشاء التمليك
بعوض في الذمة ، وبذلك يظهر لك ما في قول المصنف.
أما لو قال : خذه
فاتجر به والربح لي كان بضاعة : ولو قال : والربح لك كان قرضا ضرورة عدم الفرق بين
هذا وبين ما تقدم ، إلا بعدم وجود لفظ القراض فيه ، ولكن ذلك لا يعين إرادة القرض
والبضاعة منه ، إلا بدعوى انصراف الإطلاق إليهما ، أو حمله عليهما ولو لأصالة
الصحة كما هو ظاهر المسالك ، إلا أنها يمكن منعها.
نعم لو قصد القرض
والبضاعة منه لم يكن ثم إشكال ، بل لا إشكال في جريان القراض الفاسد عليه إذا قصد
به ، فإن التصريح بالقراض ونحوه في العقد ليس بشرط ، بعد صلاحية العقد له.
ولو اختلفا في
العقد المبطل ففي المسالك احتمل تقديم المالك ، لأنه أعرف به والعامل نظرا إلى
ظاهر اللفظ ، وترجيحا للصحة ، ولو اختلفا في ضميمة اللفظ قدم قول مدعي ما يصح معه
العقد ، لأصالة الصحة وعدم الضميمة.
قلت : لا يخفى
عليك عدم إتيان الوجهين بعد تسليم كون ظاهر اللفظ ذلك ، ضرورة عدم وجه لمن يدعي
خلاف الظاهر بلا قرينة ، وإلا لزم من ذلك فساد كثير ، كما أنه لا يخفى عليك عدم
كون الثاني من مقام مدعي الصحة والفساد ، ضرورة عدم اتفاقهما على حصول المعاملة
المخصوصة بينهما ، واختلافهما في الصحة والفساد ، كي يقدم مدعيها على مدعيه ،
وإنما اختلافهما في أن الواقع بينهما قراض فاسد ، أو بضاعة صحيحة ، نحو الاختلاف
في أن الواقع بينهما بيع فاسد أو إجارة صحيحة ، ولعل الوجه في مثله التحالف ، فلم
يثبت العقد الصحيح حينئذ لمدعيه ، ويبقى على الأصل الذي قد عرفت اتحاده في الحكم
مع القراض الفاسد ، لقاعدة احترام عمل المسلم ، وتبعية النماء.
اللهم إلا أن يقال
: إن أصالة الصحة أيضا تجري في نحو الفرض ، باعتبار اتفاقهما على كون الواقع
بينهما أحدهما ، والفاسد منهما ينفي بالأصل ، فليس حينئذ إلا الصحيح ، أو يقال :
إن محل الفرض في عبارة المسالك الاختلاف في ضميمة اللفظ المقتضي للفساد وعدمها ،
ولا ريب في موافقة الثاني للأصل.