ثلاثة : أولها :
أنه عبارة عن نقصان العين أو القيمة ، نقصانا لا يتسامح فيه عادة ، لأن فوات
المالية مناط الضرر في الأموال ، فيندرج حينئذ في قاعدة « لا ضرر ولا ضرار » مؤيدة
بأصالة عدم القسمة الشرعية السالمة عن معارضة إطلاق أو عموم تقتضيها ، وبذلك وغيره
ترجح على قاعدة وجوب إيصال الحق إلى مستحقه الطالب له.
ثانيها : أنه
عبارة عن عدم الانتفاع بالمال أصلا.
ثالثها : عدم
الانتفاع به منفردا كما كان ينتفع به مع الشركة ، مثل أن يكون بينهما دار صغيرة
إذا قسمت أصاب كل واحد منهما موضعا ضيقا لا ينتفع به في السكنى ، وإن أمكن
الانتفاع به في غير ذلك.
ولا يخفى عليك ما
في الثاني والثالث ضرورة اقتضاء قاعدة نفي الضرر والضرار الأعم من أولهما ، وقاعدة
وجوب إيصال الحق إلى مستحقه الطالب له ما ينافي ثانيهما ، فتعين حينئذ تفسيره
بالأول ، ولو فرض الضرر على أحدهما بالقسمة ، والآخر بعدمها ، فزع إلى الترجيح ،
ومع فرض التساوي إلى القرعة ، هذا كله في الضرر الناشي من حيث كونها كذلك.
أما الضرر الخارج
عنها المترتب على حصولها ففي مساواته للضرر منها وعدمه وجهان ، والمتولي للجبر في
مقامه الحاكم ، أو أمينه ، بل الظاهر قيام العدول هنا مقامه مع تعذره ، ولو تعذر
الجبر قسم الحاكم ، بل لعل ذلك كذلك بمجرد امتناعه ، كما ذكرناه في نظائره بل
الظاهر قيام الحاكم مقامه مع غيبته وطلب الشريك القسمة ، خصوصا مع تضرره بعدمها ،
بل ربما احتمل أو قيل : بقيام الشريك مقام شريكه بها مع فرض منع ظالم له ، وإرادة
قبض حقه فينوي الشريك حينئذ القسمة مع الغاصب ، وتكون قسمة ، لكنه كما ترى. وقد
تقدم لنا سابقا البحث في ذلك.
وكيف كان فـ ( لا
يقسم الوقف ) وإن كان مشتركا بين أربابه ، بلا خلاف أجده فيه ، لأن الحق ليس
بمنحصر في المتقاسمين ولا ولاية للمتولي على ذلك نعم لو كان الملك الواحد وقفا
وطلقا صح قسمته ، لأنه تمييز للوقف عن غيره