السفه قد يرتفع
بالغرض الصحيح ، على أنه هو في كتاب القضاء فسر الضرر المانع من القسمة بنقص
القيمة ، لا خروج المال عن الانتفاع ، ولا ريب في عدم منع المالك من التصرف فيه
وإن استلزم نقصا فاحشا في المال وأيضا فالإثم بذلك لا ينافي صحة القسمة شرعا ، كل
ذلك مع أنه مناف لما قيل : من وجوب الإجابة فيما لو فرض ضرر القسمة على أحدهما
خاصة ، وكان الطالب لها المتضرر ، قال في الدروس « ولو تضرر أحد الشريكين دون
الأخر أجبر غير المتضرر بطلب الأخر دون العكس » لكن قال : « وفي المبسوط لا يجبر
أحدهما مما يتضرر الطالب ، وهذا حسن إن فسر التضرر بعدم الانتفاع ، وإن فسر بنقص
القيمة فالأول أحسن » وكأنه لحظ إمكان فرض الغرض الواقع للسفه على تقدير التفسير
بالنقص بخلافه على الأخر ، ثم إن الظاهر ما صرح به في الدروس واللمعة والروضة
وغيرها من عدم وجوب الإجابة إلى المهاياة أي قسمة المنفعة بالأجزاء ، أو بالزمان ،
كأن يسكن أو يزرع هذا الجزء المعين بل في الأخير سواء كان مما يصح قسمته إجبارا أم
لا ، وأنه لا يلزم الوفاء بها لو أجاب إليها فيجوز لكل منهما فسخها ، وحينئذ فلو
استوفى أحدهما ففسخ الأخر أو هو ، كان عليه أجرة حصة الشريك ، ولو رجع بعد استيفاء
كل منهما مدته فلا شيء له ، إلا مع التراضي كما في كشف اللثام ، وظاهر الجميع
خروجها عن حكم المعاطاة ، وصيرورتها كالمقاولة الوعدية ، إلا أنه لا يخلو من نظر
في الجملة هذا.
لكن قد يقال فيما
إذا كانت قسمته ممتنعة : إنه ينتزعه الحاكم منهما مع التعاسر ويؤجره عليهما إن كان
له أجرة ، جمعا بين الحقين وصونا للمال عن التلف ، وجبرا للضرر كما صرح به في
الدروس ، ولعل ذلك من السياسات ، بناء على أن للحاكم ذلك ونحوه ، وحينئذ لا ينحصر
الأمر في ذلك ، فله حينئذ بيعه عليهم ، مع كونه مقتضاها ، كما عن بعض العامة من
كون ذلك وجها ، أما مع قطع النظر عنها فالمتجة ما صرح به بعضهم من عدم وجوب بيع
المشترك مع التنازع ، وعدم إمكان القسمة وانتفاء المهاياة ، لأصلي عدم الوجوب ،
وعدم صحة البيع عليهم.
وعلى كل حال فقد
ذكروا في الضرر المانع من الإجبار على القسمة أقوالا