عدم فرق حينئذ
بينها وبين العقد إلا على احتمال الكشف ، أما المزج القهري والمجرد عن قصد إرادة
إنشاء الشركة فلا يترتب عليه ملك كل منهما الحصة المشاعة في نفس الأمر وإنما يفيد
الاشتباه في كل من أجزاء المال ، إلا أن الشارع حكم ظاهرا بكونه بينهما من الصلح
القهري الذي قد تقدم نظائره ، فالفرق حينئذ بين المزج القهري والمزج الإنشائي هو
ما ذكرناه ، فله حينئذ إيقاع عقد الشركة بعد وقوعه ، كي يتبدل الملك ظاهرا بالملك
واقعا ، بل لو سلم افادة المزج القهري الملك في الواقع على نحو المزج الاختياري
كما هو ظاهر كلمات الأصحاب أمكن أن يقال حينئذ أنه لا مانع من صيرورته جزء سبب
مثلا ، إذا جيء به لإتمام عقد الشركة مثلا ، بل ومن صيرورته سببا تاما في ذلك إذا
قصد الإنشاء به في المعاطاة ، ومن اتفاق حصول الشركة به قهرا فإنه لا تنافي حينئذ
بينهما ، ويكفي في العقد تحققه به ، لا أنه لا تقع الشركة بغيره ، لكن الإنصاف عدم
خلو ذلك من نظر بل منع.
وعلى كل حال بذلك
يظهر لك ما في جميع كلماتهم من التشويش والاضطراب خصوصا التذكرة وجامع المقاصد ،
والمسالك ، والرياض ، وغيرها التي لا يخفى عليك حالها بعد الإحاطة بما ذكرناه ،
فضلا عما يظهر من المحكي عن ابن الجنيد في المختلف من تحقق الشركة بالقول مع
الافتراق من دون مزج ، قال : « لو تلف مال أحد الشركاء قبل انعقاد الشركة باختلاط
المالين أو بافتراق كان ما تلف من مال صاحبه ، وإن كان التلف بعد العقد والافتراق
كان من مالهما جميعا » وهو كما ترى ، ومن هنا قال في المختلف بعد أن حكى ذلك عنه :
« والأجود أن لا شركة إلا بالامتزاج ، والتلف قبله من صاحبه » ومراده في محل القرض
فتأمل ، وربما يجيء لذلك أيضا زيادة تحقيق في مطاوي البحث.
ثم المال المشترك
قد يكون عينا كما هو ظاهر وقد يكون منفعة بالإجارة والجنس والسكنى قيل : والوقف ،
وفيه أنه إن كان على محصورين فالاشتراك بالعين والا فلا اشتراك بل هو حينئذ نحو ما
عرفته في حق الزكاة والخمس ، والطرق العامة ، والطرق النافذة ، وقد يكون حقا
كالخيار والشفعة الموروثين مثلا والقصاص وغيرها.