ذلك في الشركة
بوجه من الوجوه ، بل هو داخل في قسم الوكالة ، وقد اعترف به في التذكرة ، قال فيها
« الشركة قد تقع بالاختيار ، وقد تقع بالإجبار ، وكلامنا في الأولى وهي قد تحصل
بمزج المالين بالاختيار من غير لفظ ، فلو امتزج المالان برضاهما حصل الشركة
الاختيارية ، وإن لم يكن هنا لفظ ، وأما التصرف فالإذن فيه والمنع منه فذاك حكم
زائد على مفهوم الشركة ».
ومن ذلك وغيره
يعلم التشويش في كلامه وكلام غيره أيضا ، فكان السبب الذي أوقعهم في الوهم هو دعوى
حصول الشركة بالمزج القهري ، فمع فرض اعتبار الامتزاج في شركة العنان لم يكن معنى
لعقدها حينئذ ، ضرورة حصولها بالمزج المزبور ، المفيد لذلك مع القهر ، وعدم القصد
به إليها ، فضلا عما لو قصدت به اختيارا ، فلم يكن حينئذ معنى لعقدها إلا جواز
التصرف ، خصوصا مع ملاحظة الشركة الاكتسابية التي هي من أقسام التجارة المبنية على
العمل ، من الشريكين ، أو من أحدهما التي قد وردت النصوص بها ، وفيمن ينبغي أن
يشارك وأن لا يشارك ، وغير ذلك من أحكامها ، ولعله لذا اكتفوا في صيغتها بقول
اشتركنا ، باعتبار امتناع أن يراد بإنشائه حصولها بدون مزج ، ولا المزج الذي لا
يحصل باللفظ ، فتعين أن يكون معناه جواز التصرف ، وإلا لم يكن له معنى أصلا كما
صرح بذلك في جامع المقاصد ، إلا أنه لا يخفى عليك ما في ذلك ، إذ لا دلالة في قول
اشتركنا على الاذن بوجه من الوجوه ، كما أنه لا حاجة في حصول الإذن منهما أو من
أحدهما إلى عقد وليس من مقومات الشركة حصولها ، إذ يمكن اشتراكهما في المال مع
الإذن في العمل لثالث ، بل يمكن إرادة الشركة من دون عمل أصلا ، لغرض من الأغراض.
فالتحقيق أن يقال
حينئذ بعد الإجماع على كونها عقدا : أن قول اشتركنا لإنشاء تحقيقها وصيرورة كل من
المالين بينهما على الإشاعة ، إلا أنه يشترط في صحة ذلك تحقق المزج بعده إن لم يكن
، فهو حينئذ شرط كاشف أو ناقل ، نحو القبض في الوقف ، أو أنه جزء السبب ، ومتى حصل
مزج بقصد إنشاء الشركة من دون قول تحققت ، وكانت كالمعاطاة ، بناء على جريانها
فيها ، وإن كان التحقيق خلافه ، سيما مع