وعلى كل حال فـ ( هي
مسائل : الأولى ) لا خلاف ولا إشكال في أنه يجوز إخراج الرواشن والأجنحة ونحوهما
الى الطرق النافذة إذا كانت عالية لا تضر بالمارة ولم يعارض فيها مسلم ، للسيرة
المستمرة في سائر الأعصار والأمصار من زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الى يومنا هذا ، وقد وضع هو صلىاللهعليهوآلهوسلم ميزابا لدار عمه العباس ، بل هي كذلك من غير حاجة الى
الإذن من حاكم ولا من غيره ، سواء قلنا بكون الهواء ملكا للمسلمين أو باقيا على
الإباحة الأصلية ، فما عن أحمد من اعتبار اذن الإمام في وضع الجناح ، في غير محله
، بل هو كذلك.
ولو عارض فيها
مسلم ، على الأصح لعدم ثبوت حق له في المعارضة ، لما عرفت من استمرار السيرة
المعتضدة بالفتوى على فعل ذلك ، وعدم الالتفات الى المعارض خلافا للمحكي عن الخلاف
والمبسوط من أنه لكل مسلم منعه ، لأنه حق لجميع المسلمين ، ولأنه لو سقط شيء منه
ضمن ، وهو يدل على عدم جوازه الا بشرط الضمان ولأنه لا يملك القرار ، فلا يملك
الهواء ، وفيه ما لا يخفى ، بعد ما عرفت ، فهو حينئذ بمنعه معاند لا حق له ،
والضمان بعد تسليمه لا ينافي الجواز كما هو في صورة عدم المعارضة التي قد وافق
فيها ، وجواز الفعل لا يتوقف على كونه مالكا كما هو واضح.
نعم يعتبر فيه عدم
الضرر على المارة ، بل في المسالك وغيرها أن المعتبر ما يليق بتلك الطريق عادة ،
فإن كانت مما يمر عليها الفرسان ، اعتبر ارتفاع ذلك بقدر لا يصدم الرمح مائلا عادة
، واعتبر في التذكرة مروره ناصبا رمحه ، لأنه قد تزدحم الفرسان ، فيحتاج الى نصب
الرماح ، ونفاه في الدروس لندوره ، ولإمكان اجتماعهم مع إمالته على وجه لا يبلغهم
وهو أقوى ، وان كانت مما يمر فيها الإبل اعتبر فيها مروره محملا ومركوبا وعلى ظهره
محمل إن أمكن مرور مثل ذلك عادة ، وهكذا يعتبر ما تجري العادة بمروره على تلك
الطريق.
قلت : قد يقال :
ان المعتبر عدم الضرر حتى في الصورة النادرة ، لأنه المتيقن من الجواز فيما هو حق
المسلمين كافة ، واليه أومأ فيما سمعته من التذكرة ، فيعتبر