المسألة الرابعة : لو اتفقا أي الكفيل والمكفول
له على وقوع الكفالة ولكن قال الكفيل : لا حق لك الآن عليه لأداء أو إبراء أو
غيرهما ، كان القول قول المكفول له بيمينه ، لأصالة بقاء الحق ، وكذا لو قال له : لا
حق لك حال الكفالة كان القول أيضا قول المكفول له بلا خلاف أجده فيه لأن الاعتراف
من الكفيل بوقوع الكفالة تستدعي ثبوت حق فيكون هو مدعى الفساد ، والمكفول له مدعى
الصحة ، ولا ريب في أن القول قول مدعى الصحة لأصالتها بل عن مجمع البرهان أن القول
قوله بلا يمين ، وإن كان هو خلاف ما صرح به غيره من دون خلاف ، بل خلاف قوله [١] « البينة على
المدعي ، واليمين على من أنكر » وعلى هذا فإذا حلف المكفول له وتعذر على الكفيل
إحضار الغريم فهل يجب عليه أداء المال من غير بينة؟ احتمله في المسالك ومحكي
التذكرة ، ولكنه واضح الفساد ، ضرورة أعمية ثبوت صحة الكفالة من ثبوت الحق على
المكفول.
نعم لو أقام
المدعي البينة بالحق كان له إغرام الكفيل على الوجه الذي تقدم سابقا ، لكن لا يرجع
به هنا على المكفول ، لاعترافه بعدم كونه كفيلا شرعا عنه ، وأنه مظلوم ، ولكن إذا
لم يعلم فساد دعوى المكفول له أمكن الرجوع بما أغرمه على ما في ذمة المكفول مقاصة
، لأنه قد صار عوضا عما أداه ، أما لو علم فسادها فلا رجوع له عليه قطعا ، كما هو
واضح.
المسألة الخامسة :
إذا تكفل رجلان مثلا دفعة أو مرتبا برجل فسلمه أحدهما لم يبرء الآخر عند الشيخ ،
وابن حمزة ، والقاضي فيما حكي عنهم ، فإذا هرب منه حينئذ كان له الرجوع على الثاني
، للأصل ، وكون الكفيلين كالرهنين اللذين إذا فك أحدهما لم يفك الآخر ولكن لو قيل
: بالبراءة لكان حسنا بل في القواعد وغيرها من كتب الجماعة أنه الأقرب ، لأن
المقصود تسلمه وقد حصل ، حتى لو سلم نفسه أو سلمه أجنبي برأ ، لحصول الغرض ،
والظاهر أن محل البحث
[١] الوسائل الباب ـ
٣ ـ من أبواب كيفية الحكم والقضاء الحديث ـ ١ ـ ٥ ـ لكن فيه واليمين على من ادعى
عليه.