نعم قد يشكل
العارية بأن التوثيق الحاصل بدفع الرهن ليس من منافع العين التي تباح بعقد العارية
المساوي لعقد الإجارة في ذلك ، المعلوم امتناعه في مثل الفرض وإنما هو انتفاع بسبب
تعلق عقد الرهن بها ، لا أنها من منافعها التي هي كالسكنى في الدار والخدمة في
العبد ، والركوب في الدابة ونحو ذلك.
على أن تعلق عقد
الرهن بها قد يؤدى إلى خروجها عن الملك المنافي للعارية التي هي إباحة المنفعة ،
مع بقاء العين ، وإن اعتراها اللزوم كعارية الأرض للدفن ونحوه ، بل ما تسمعه من
مشهورهم من الضمان في هذه العارية وإن تلفت بآفة سماوية بعد الرهانة ، بل ولو
بجناية العبد نفسه ـ ، مناف لما ذكره من عدم الضمان لها في غير الذهب والفضة إلا
بالتعدي أو التفريط أو الشرط.
ودعوى رجوع ما هنا
إلى الثالث واضحة الفساد ، كدعوى خروج ذلك عن مطلق العارية ، بدليل مخصوص ، لعدمه
كما ستعرف ، فلا يبعد أن يكون ذلك من الأحكام الجائزة شرعا وإن لم يندرج تحت عقد
من العقود المتعارفة ، إذ دعوى عدم خلو الواقع منها يكذبها الوجدان ، فإن كثيرا
مما هو جائز شرعا لا يدخل كالقبالة والمنحة ونحوهما ، على بعض الأقوال أو الوجوه ،
بل حاصل ذلك عدم اعتبار كون الرهن ملكا للراهن ، كما أنه لا يعتبر في صحة الرهن
كون الدين على الراهن ، فيجوز أن يرهن ماله على دين غيره متبرعا ، كما ذكرناه
سابقا في الشرائط.
بل هو غير زائد
على ما نحن فيه إلا بالإذن التي تكون سببا لاستحقاق الرجوع عليه بها كالوفاء تبرعا
، وبالإذن الذي يمكن دعوى عدم انحلال الثاني منه إلى القرض بعد عدم اعتبار الملكية
فيما يوفى به ، فيستحق حينئذ الرجوع عليه بالإذن ، وإن كان ما وفى به باقيا على
ملك الموفي إلى حين الوفاء ، ولعله للإذن في إتلاف المال فيما يعود نفعه إليه ،
فإنه يكفي في تسبيب مثله الضمان.
وعلى كل حال فدعوى
كون المقام عارية حقيقة في غاية الإشكال ، ولعله لا يريده الأصحاب كما يومي إليه
ما في المسالك من نسبة التسمية إليهم ، وكذا من قال