حينئذ استيفاء لا
ثمن سلم ، بل في الدروس والمسالك وغيرهما أنه يحتاج إلى المحاسبة إذا اختلفا في
الجنس أو الوصف ، والا وقع التقاص قهرا ، وان كان قد يشكل بأنه يلزم منه كون مورد
العقد دينا بدين ، وبأنه معاوضة على ثمن السلم قبل قبضه ، فتكون فاسدة ، ويدفع بأن
الثمن أمر كلي ، وتعينه في شخصي لا يقتضي كونه الثمن الذي جرى عليه العقد ، ومثل
هذا التقاص والتحاسب استيفاء لا معاوضة.
نعم يشكل أصل
اشتغال الذمة بالكلي بمجرد عقد السلم الذي قد عرفت كون القبض شرطا في صحته ، وقد
تقدم البحث فيه سابقا ، فتأمل جيدا ، فان ذلك كله محل للنظر ، لاحتمال اعتبار سبق
الدينية في صدق بيع الدين بالدين ، وصدقه على السلم انما هو بعد تمامه لا قبله ،
والمنع من بيع الكالي بالكالي وان لم يكن موجودا في طرقنا ، وانما هو من طرق
العامة [١] ـ ولكن قد عمل به الأصحاب ، وقد ذكروا في تفسيره ما يشمل
ما كان منه بالعقد فيختص به حينئذ ، أما غيره مما لم يكن سابق الدينية ولا هو من
بيع الكالي بالكالي فباق على مقتضى العمومات ، ومنه المسألة وعكسها ، ولكن الانصاف
عدم خلو المسألة عن البحث ، ولعلك تسمع فيما يأتي في مسألة بيع الدين التحقيق
إنشاء الله تعالى ، والله أعلم.
ولو شرط تأجيل
الثمن بطل ، بلا خلاف أجده لا لان التقابض شرط ، إذ يمكن فرضه فيما لا ينافيه لقصر
الأجل ونحوه ، بل لانه من بيع الدين بالدين كما ستعرف تحقيقه في محله ، بل والكالي
بالكالي ، وهو مؤيد لما قلناه سابقا من صدقه على ذلك وان كان دينا في العقد ،
والحاصل ان الحالين أو أحدهما بالعقد لا سابقا لا يصدق عليه بيع الدين بالدين ،
بخلاف المؤجلين ، فإنه يصدق عليه ولو بالعقد كالحالين قبل العقد. أو أحدهما حال
قبله ، والأخر مؤجل كذلك ، فتأمل جيدا.
[١] الجامع الصغير ج
٢ ص ١٩٢ طبع عبد الحميد احمد حنفي.