بما لا يفهم ،
فيكون قد قام العرف الخاص مقام العام عند انتفائه ، وهو مخالف لما سمعته من خبر
على بن إبراهيم [١] ويجب تقييده أيضا بما إذا لم يعلم سبق الاختلاف بالاتفاق ،
فإن المتجه حينئذ عدم الربا ، وإن لم يعلم أن الاتفاق كان على عدم التقدير ، ضرورة
الإكتفاء في نفى الحرمة باحتمال عدم التقدير ، للأصل وغيره.
أما إذا لم يعلم
فقد يتجه ذلك ؛ لكن لا لما ذكروه ، بل لاستصحاب هذا الحال إلى زمن الخطاب ، فينساق
الذهن حينئذ إلى أن لكل بلد حكم نفسه ، إذ هو صادق عليه اسم التقدير وعدمه ،
والأول علة للربا كما أن الثاني علة لعدمه ، فإعمالهما معا بعد عدم الترجيح بينهما
يقضي بذلك ، وليس ذا من تنزيل اللفظ على العرف الخاص المتعدد الذي هو واضح البطلان
، كما حرر في الأصول ، ضرورة أن الاختلاف بين البلدين مثلا بالتقدير وعدمه ، لا في
معنى اللفظ ، وبينهما بون ، كما أن الحكم المزبور لا ينافي ما تقدم سابقا من
الاكتفاء في جريان حكم الربا سبق التقدير وإن زال ، القاضي بعدم دوران الحكم مدار
الوصف ، وإلا لانتفى بانتفائه ، إذ هو هنا أيضا كذلك ، فإنه وإن أعطينا كل بلد
حكمه ، لكن ليس لدوران الحكم على الوصف وجودا وعدما ، بل لدورانه على أصل ثبوت
الوصف كما في سابق التقدير ، فيجري حينئذ حكم الربا في بلاد التقدير وإن زال ، ولا
يجري في بلاد الجزاف وإن قدر ، بناء على أن ذلك كذلك في المعلوم حاله في عصر النبي
صلىاللهعليهوآلهوسلم.
نعم قد يشكل ذلك
بأن المختلف في بلدين مثلا لا يدخل تحت إطلاق أحد الخطابين ، لا أنه مصداق لكل
منهما ، فقضية الأصل عدم حرمة الربا وربما يؤيده خبر على بن إبراهيم [٢] السابق إلا أنى
لم أجد قائلا به هنا بل ولا من احتمله ، وبمنع مثل ذلك في الشرع إذا المعلوم منه
أن الأشياء منها ما لا يصح بيعها إلا بالتقدير ، ولتوقف رفع
[١] الوسائل الباب ـ
١٧ ـ من أبواب الربا الحديث ـ ١٢.
[٢] الوسائل الباب ـ
١٧ ـ من أبواب الربا الحديث ـ ١٢.