تغير بعد ذلك ، بل
فيه أيضا أنه ما علم أنه غير مكيل ولا موزون في عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فليس بربوي
إجماعا ، ومقتضاه وإن كيل أو وزن بعد ذلك ، وكان الوجه في الأمرين بعد الإجماعين
المعتضدين بالتتبع ـ الاستصحاب السالم عن معارضة قاعدة « دوران الحكم المعلق على
الوصف مداره وجودا وعدما » بعد تخصيصها بغير المقام ، ولو للإجماع السابق ، أو
لأنها حيث يكون التعليق على الوصف المعلوم مناسبته ، أو لأن المراد منها زوال
الحكم عن الفرد الفاقد للوصف من أصله ، لا الذي تلبس به ثم زال عنه ، أو لغير ذلك
، مما يشترك في كون المدار هنا على ما عرفت ، من أن وجود الكيل والوزن في ذلك
العصر كاف في تحقق الربا كما ان الجزافية مثلا فيه تكفي في تحقق عدمه.
فتحصل أن المدار
المتصف بكل منهما في ذلك الزمان ، وفي مضمر على بن إبراهيم الطويل [١] « ولا ينظر فيما
يكال أو يوزن إلا إلى العامة ولا يؤخذ فيه بالخاصة فإن قوما يكيلون اللحم ويكيلون
الجوز فلا يعتبر بهم ، لأن أصل اللحم أن يوزن ، وأصل الجوز أن يعد » وهو مؤيد بما
ذكرنا في الجملة ، ولعل العلم باتفاق البلدان في هذا الزمان على أحدهما ، مع عدم
العلم بالحدوث ، بل اتفاق بعضها مع عدم العلم بخلاف الباقي كاف ، في إثباته فيه ،
لأصالة عدم التغير والانتقال من صفة أخرى.
وإليه أشار المصنف
بقوله وما جهل الحال فيه ، رجع إلى عادة البلد وأما إن اختلفت البلدان فيه على وجه
لم يعلم عادة عصره عليهالسلام ، فالمشهور بين المتأخرين بل لعل عليه عامتهم أنه كان لكل
بلد حكم نفسه ، وهو المحكي عن المبسوط والقاضي معللين له بالأصل في الجملة ، وأن
المعتبر العرف والعادة عند عدم الشرع ، وكما أن عرف تلك البلد التقدير فيلزمه حكمه
عرف الآخر الجزاف مثلا فيلزمه حكمه صرفا للخطاب إلى المتعارف من الجانبين ، وردا
للناس إلى عوائدهم ، كما في القبض والحرز والإحياء وإلا لزم الخطاب