المنابذة مما لا
إشكال عندنا في اقتضائه الفساد ، وأنه ليس كالنهي عن البيع وقت النداء أو يرجع إلى
النهي عن نفس العوض والمعوض عنه ، وهو لا ريب في اقتضائه الفساد.
بل يمكن استناد
الفساد إلى قاعدة تبعية العقود ، للقصود ، ضرورة أن البائع أو المشتري إنما بذل
المثل في مقابلة المثلين ، فان لم يتم له بطل العقد ، وليس هو كبيع الشاة والخنزير
التي يبطل من الثمن ما قابلها ، فيبقى الأخر بما قابله منه ، لان البطلان في
الزيادة هنا بلا مقابل وهو أمر غير مقصود ، للمتعاملين ، فلو صح العقد وقع ما لم
يقصد ، وما قصد لم يقع كما هو واضح.
نعم قد يقال بصحة
المعاملة إذا كانت الزيادة خارجة عن أحد العوضين ، كما إذا كانت شرطا ونحوه بناء
على أن بطلان الشرط لا يقضى ببطلان العقد ، مع احتمال القول بالفساد هنا ، وإن لم
نقل به هناك ، لظهور النص والفتوى في أن الربا متي دخل المعاملة أفسدها على أي وجه
كان دخوله ، فيختص النزاع السابق حينئذ بما إذا لم يكن فساد الشرط لانه ربا ، ومن
هنا كان اشتراط الأجل في أحد المتماثلين ربا ، وفي خبر خالد بن الحجاج [١] « سألته عن رجل
كانت لي عليه ماءة درهم عددا قضانيها مائة درهم وزنا ، قال : لا بأس ما لم تشارط ؛
قال : وقال : جاء الربا من قبل الشرط. وإنما تفسده الشروط » فالأقوى البطلان حينئذ
وإن كان الربا شرطا ، ولا ينافي ذلك ما تسمعه إنشاء الله من النصوص والفتاوي في
وجوب رد الزيادة في حالي العلم والجهل وعدمه ، كما ستعرف.
وقد تلخص مما
ذكرنا فساد المعاوضة الربوية على كل حال سواء قلنا بكون النهي عنها ، أو قلنا بأن
النهي عن الزيادة ، وأما الأول فواضح ، وأما الثاني فلان المراد من النهي عن
الزيادة معاملة المثل بالمثلين مثلا ، وهي مباينة لمعاملة المثل بالمثل على وجه لا
تتحقق الثانية في ضمن الأولى ، كي يكون النهي متعلقا بالزيادة نحو شراء
[١] الوسائل الباب ـ
١٢ ـ من أبواب الصرف الحديث ـ ١.