وكيف كان فـ ( إذا
تلف المبيع ) بآفة سماوية قبل تسليمه إلى المشتري وقبل تمكينه منه ، انفسخ العقد
وكان من مال البائع وعاد الثمن إلى المشتري بلا خلاف أجده فيه ، بل في التذكرة والدروس
حتى لو أبرأه المشتري من الضمان كما تقدم البحث فيه ، وفيما لو مكنه منه ، فامتنع
من تسلمه أو أنه يتركه عند البائع باختياره والظاهر أن إتلاف المشتري بمنزلة القبض
، سواء كان عالما أو جاهلا ، للأصل السالم عن معارضة الخبر [١] المنساق منه غير
الفرض ، بقرينة ظهوره في إرادة الإرفاق بالمشتري ، واحتمل الشافعي عدم كونه بمنزلة
القبض في الأول ، فضلا عن الثاني ، بل في التذكرة « هذا إذا كان المشتري عالما ،
أما إذا كان جاهلا بأن قدم البائع الطعام المبيع إلى المشتري فأكله ، فالأقرب أنه
ليس قبضا وأنه كإتلاف البائع » وهو كما ترى.
ولو أتلفه البائع
ففي القواعد والدروس وغيرهما أنه يتخير المشتري بين الفسخ ورد الثمن ، وبين
الالتزام ومطالبة البائع بالمثل أو القيمة ، كما لو أتلفه أجنبي ، وعن الشيخ الفرق
بينهما ، فجعل الأول كالتلف بآفة سماوية ، ووافق على الخيار في الثاني الذي ظاهرهم
الاتفاق على الخيار فيه ، لكن قد يحتمل الانفساخ فيهما معا ، عملا بإطلاق الخبر [٢] وعدم جواز
الإتلاف للبائع ـ فضلا عن الأجنبي ، لأن ليس له الفسخ فيكون عاديا فيه ، فيترتب
عليه المطالبة بما أتلفه ـ لا ينافي تحقق الانفساخ به ، للخبر المزبور ، وإن كان
قد أثم بالفعل ، على أنه لو فرض عدم تناول الخبر المزبور له ، أشكل ثبوت أصل
الخيار له ، بل المتجه اللزوم ومطالبة البائع أو الأجنبي بالمثل أو القيمة ، وتعذر
التسليم على هذا الوجه لم يثبت سببيته للخيار ، وخبر الضرار [٣] يدفعه ما وضعه