وقد روى محمد بن حمران [١] قال : « قلت لأبي
عبد الله عليهالسلام : اشترينا طعاما فزعم صاحبه أنه كاله ، فصدقناه وأخذناه بكيله؟ فقال عليهالسلام : لا بأس ، فقلت
: أيجوز أن أبيعه كما اشتريته بغير كيل؟ قال : لا ، أما أنت فلا تبعه حتى تكيله » انتهى
وفيه أولا ما عرفت من عدم دلالة النص ، وثانيا أنه لا ينبغي التأمل في تحقق القبض
في الأول ، لو وهبه مثلا ما بقي من الصبرة ، ثم نقل الجميع ، وبه صرح بعض المحققين
، وثالثا أن السيرة القطعية ، بل يمكن دعوى الضرورة على خلاف ما جعله الأقوى كما
هو واضح ، خصوصا إذا كاله المشتري قبل الشراء ونقله ، فإنه لا حاجة حينئذ إلى قبض
، لأنه اشترى ما هو مقبوض له فتأمل جيدا. وستعرف إنشاء الله تحقيق أنه لا فرق فيه
؛ بين البيع تولية وغيره في الكراهة أو الحرمة قبل القبض.
ولعل المراد من
خبر محمد بن حمران [٢] أنه لا يباع ثانيا مخبرا بكيله ، على حسب ما أخبر به الأول
، ضرورة ظهور الاخبار في مباشرة المخبر الاعتبار ، والفرض أنه كذلك ، فهو حينئذ
تدليس محرم ، أو أن المراد به ما يراد من غيره من حرمة بيع المكيل أو الموزون قبل
اعتبارهما ، أو كراهته مطلقا ، أو إذا كان طعاما كما ستعرف ذلك في محله ، من غير
مدخلية لتحقق معنى القبض ، وإن كان ينافيه ظاهر كلامهم الاتى الذي هو ظاهر في أن
المدار على تحقق القبض فلاحظ وتأمل.
وكيف كان فلا
ينبغي إلحاق المعدود بالمكيل والموزون ، في أنه لا يكتفى بعده سابقا عن العد بعد العقد
، لعدم النص ، وتحقق القبض عرفا بما يتحقق في غيره خلافا للدروس فألحقه فيها ، وهو
لا يخلو من وجه ، والتحقيق في ذلك كله ما سمعت ، ومنه يعلم الغرابة هنا في بعض ما
وقع لبعض الأصحاب. والله أعلم بحقيقة الحال.
[١] الوسائل الباب ٥
من أبواب عقد البيع وشروطه الحديث ٤.
[٢] الوسائل الباب ٥
من أبواب عقد البيع وشروطه الحديث ٤.