فإن امتنعا معا
عنه عصيا وأجبرا على التقابض ، كما في كل ممتنع عما وجب عليه ، ولو امتنع أحدهما
أجبر الممتنع خاصة ، لاختصاصه بالعصيان ، وكان للآخر حبس العوض حتى يجبر الآخر على
التقابض ، كل ذلك لتساوى الحقين في وجوب إيصال كل منهما المال إلى مالكه ، ولا
رجحان لأحدهما على الآخر بالتقدم ، وقيل والقائل الشيخ في محكي عن خلافه ومبسوطة ،
وابن زهرة والقاضي والحلي على ما حكي عنهما يجبر البائع أولا إذا تمانعا ، وهو أحد
أقوال الشافعي ، لأن الثمن تابع للمبيع ، ولأنه بتسليمه يستقر البيع ويتم ، إذ لو
تلف قبل القبض كان من مال البائع وينفسخ العقد.
ولا ريب أن الأول
أشبه بأصول المذهب ، بل لا أجد فيه خلافا بين المتأخرين سواء كان الثمن عينا أو
دينا لاستواء العقد في إفادة الملك لهما ، وتبعية الثمن للمبيع على وجه يقتضي ذلك
، ممنوعة كمنع اقتضاء الثاني له ، بل لعل ما عن أبي حنيفة ومالك والشافعي ـ من
القول الآخر له ، وهو العكس إي يجبر المشتري على تسليم الثمن ـ أولى منه ، لأن حقه
متعين في المبيع ، فيؤمر بدفع الثمن ليتعين حق البائع ، فإن للبائع حقا آخر ، وهو
التسلط على الخيار بعد الثلاثة وقد يفوته ذلك بالقبض.
وأولى منهما معا
القول الثالث للشافعي وهو لا يجبران معا ، لكن يمنعان من التخاصم ، فان سلم أحدهما
ما عليه ، أجبر الآخر ، وكأنه لحظ أن الوجوب على كل منهما مشروط بعدم امتناع الأخر
فإذا امتنعا معا ارتفع الوجوب عنهما ، فلا عصيان من أحدهما حتى يجبرهما الحاكم ،
لكن قد عرفت أن وجوب التقابض عليهما مطلق غير مشروط بشيء ولا ينافيه جواز
الامتناع لأحدهما ، إذا عصى الآخر في عدم التقابض.
والرابع له أيضا
أنهما يجبران معا وهو المختار ، لكن أقواله الأربعة إذا كان الثمن في الذمة فإن
كان معينة فقولان له خاصة ، عدم الإجبار وبه قال أحمد للشبهة السابقة ، والإجبار
لهما ، وقد عرفت أنه الأقوى على كل حال ، ومن ذلك كله ظهر لك أن المراد